قتادة، قال: حدّثنا أنس بن مالك، فصرّح قتادة بالتحديث (عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ) -رضي الله عنه- (عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ) أي ويعمل به، كما وقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "المؤمن الذي يقرآ القرآن، ويَعمَل به"، وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن، ولا يخالف ما اشتمل عليه، من أمر، ونهي، لا مطلق التلاوة. وعبّر بصيغة المضارع لإفادة تكريره لها، ومداومته عليها، حتى صارت دأبه وعادته، كفلان يَقري الضيف، ويحمي الحريم، ويُعطي اليتيم.

قال الطيبيّ رحمه الله: إثبات القراءة في قوله: "يقرأ القرآن" على صيغة المضارع، ونفيها في قوله: "لا يقرأ القرآن" ليس المراد منها حصولها مرّة، ونفيها بالكلّية، بل المراد منها الاستمرار، والدوام عليها، فإن القراءة دأبه وعادته، أو ليس ذلك من هِجّيراه، كقولك: فلان يَقري الضيف، ويَحمِي الحريم. انتهى (?).

(كَمَثَلِ الْأُترُجَّةِ) بضم الهمزة والراء، بينهما مثناة ساكنة، وآخره جيم ثقيلة، وقد تخفف، ويزاد قبلها نون ساكنة (?)، ويقال: بحذف الألف مع الوجهين، فتلك أربع لغات، وتبلغ مع التخفيف إلى ثمانية (?). قاله في "الفتح" (?).

وقال في "القّاموس": الأُتْرُجُّ، والأُتْرُجَّةُ، والتُّرُنْجُ، والتُّرُنْجَةُ: معروف. انتهى.

(طَعمُها طَيِّبٌ، وَرِيحُها طَيِّبٌ) قيل: خَصّ صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالريح؛ لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن؛ إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة، وكذلك الطعم ألزم للجوهر من الريح، فقد يذهب ريح الجوهر، ويبقى طعمه، ثم قيل: الحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تَجْمَع طيب الطعم والربح كالتفاحة؛ لأنه يُتَدَاوى بقشرها، وهو مُفَرِّح بالخاصية، ويُسْتَخرج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015