عمل الناس بتلك البدعة، وقال السنديّ: ولم يقل: فعَمِل بها الناس، كما قال في السنّة؛ إشارةً إلى أنه ليس من شأن الناس العمل بالبدع، وإنما من شأنهم العمل بالسنن، فالعامل بالبدعة لا يُعَدّ من الناس، ويحتمل على بُعْد أن يكون "عَمِلَ" على بناء الفاعل، وفيه ضمير "الناس"، وأفرده لإفراد الناس لفظًا. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله السنديّ نظر، لا يخفى، أما قوله: "ولم يقل: فعمل بها الناس" فإنه يردّه قوله في الحديث التالي: "فإن عليه إثم من عمِلَ بها من الناس"، وأما قوله: "ويحتمل إلخ"، ففيه تعسّفٌ ظاهر، والله تعالى أعلم.

(كَانَ عَلَيْهِ أَوزَارُ مَنْ عَمِلَ بِها، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِها شَيْئًا) قد تقدّم الكلام مستوفى على هذا فيما مضى، فراجعه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

هذا الحديث إسناده ضعيف جدًّا؛ لأن كثير بن عبد الله ضعفه الجمهور، بل نسبه الشافعيّ، وأبو داود إلى الكذب، وقال ابن عديّ: عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه، وقال ابن حبّان: روى عن أبيه، عن جدّه نسخةً موضوعةً لا يحلّ ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلا على وجه التعجّب، وأبوه عبد الله بن عمرو لم يرو عنه غير ابنه كثير هذا، فهو مجهول عين، ولذا قال في "التقريب": مقبول، أي حيث يُتابع، وإلا فهو ليّن الحديث.

وأما متن الحديث، فإنه صحيح؛ لأن له شواهد كثرة، وقد سبق بعضها في الباب الماضي، ولذا حسّنه الترمذيّ رحمه الله. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجة (المصنّف) هنا (337/ 209) بهذا السند، وأعاده بعده (37/ 210) بالسند الآتي، وأخرجه (عبد بن حميد) (289) و (الترمذيّ) (2677)، والله تعالى أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015