العهد من هذا المكان، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك، فرجع، فتوفي في السنة الداخلة. وقال الواقدي: مات يوم السبت، أول يوم من رجب، سنة ثمان وتسعين ومائة. وقال ابن عمار: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: اشهدوا أن سفيان ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومائة، فمن سمع منه في هذه السنة وبعدها، فسماعه لا شيء.
قال الحافظ: قرأت بخط الذهبي: أنا أستبعد هذا القول، وأجده غلطا من ابن عمار، فإن القطان مات أول سنة (98) عند رجوع الحجاج، وتحدثهم بأخبار الحجاز، فمتى يُمَكَّن من سماع هذا، حتى يتهيأ له أن يشهد به، ثم قال: فلعله بلغه ذلك في وسط السنة. انتهى. وهذا الذي لا يتجه غيره؛ لأن ابن عمار من الأثبات المتقنين، وما المانع أن يكون يحيى بن سعيد سمعه من جماعة، ممن حج في تلك السنة، واعتمد قولهم، وكانوا كثيرا، فشهد على استفاضتهم، وقد وجدت عن يحيى بن سعيد شيئا يصلح، أن يكون سببا لما نقله عنه ابن عمار في حق ابن عيينة، وذلك ما أورده أبو سعيد بن السمعاني، في ترجمة إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، من "ذيل تاريخ بغداد"، بسند له قويّ إلى عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قلت لابن عيينة: كنت تكتب الحديث، وتحدث اليوم وتزيد في إسناده، أو تنقص منه؟ فقال: عليك بالسماع الأول، فإني قد سئمت. وقد ذكر أبو معين الرازي، في زيادة "كتاب الإيمان" لأحمد: أن هارون بن معروف قال له: إن ابن عيينة تغير أمره بآخره.
وقال ابن حبان في "الثقات" كان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع والدين. وقال اللالكائي: هو مستغن عن التزكية؛ لتثبته وإتقانه، وأجمع الحفاظ أنه أثبت الناس في عمرو بن دينار. وجزم ابن الصلاح في "علوم الحديث" بأنه مات سنة ثمان وتسعين ومائة. انتهى. وكان انتقاله من الكوفة إلى مكة سنة (63) فاستمر بها إلى أن مات.
روى له الجماعة، وله في هذا الكتاب (298) حديثًا.
3 - (سالم أبو النضر) هو سالم بن أبي أميّة، مولى عمر بن عُبيد الله التيميّ المدنيّ،