من بعض النسخ لفظة "فإنه" (لَمْ يَنْقُض) وفي رواية "الصحيح": "فإنه لم يَغِضْ"، بالغين والضاد المعجمتين، وهو بمعنى ينقص (مِمَّا في يَدَيْهِ) وفي بعض النسخ "يده" بالإفراد، وفي رواية للبخاريّ: "لم ينقص ما في يمينه" (شَيْئًا) بالنصب على المفعوليّة لـ "ينقص"، وفي بعض النسخ: "شيء" بالرفع، وهو أيضًا صحيح، فيكون مرفوعًا على الفاعليّة؛ لأن "نَقَصَ" يتعدّى ويلزم، قال في "المصباح": نَقَصَ نَقْصًا، من باب قَتَلَ، ونُقْصَانًا، وانتقص: ذَهبَ منه شيءٌ بعد تمامه، ونَقَضتُهُ يتعدَّى ولا يتعدَّى، هذه هي اللغة الفصيحة، وبها جاء القرآن في قوله تعالى: {نَنقُصُهَا مِنْ أطْرَافِهَا}، وقوله: {غير مَنقُوصٍ}، وفي لغة ضعيفة يتعدَّى بالهمزة، والتضعيف، ولم يأت في كلام فصيح، ويتعدّى أيضًا بنفسه إلى مفعولين، فيقال: نقصتُ زيدًا حقَّهُ، وانتقصتُهُ مثلُهُ. انتهى (?).
[تنبيه]: قال الطيبيّ رحمه الله: يجوز أن تكون "ملآى"، و"لا يغيضها"، و"سحّاء"، و"أرأيت" على تأويل مقول فيه أخبارًا مترادفةً لـ "يمين الله"، ويجوز أن تكون الثلاثة الأخيرة أوصافًا لـ "ملآى"، ويجوز أن يكون "أرأيت" استئنافًا وفيه معنى الترقّي، كأنه لمّا قيل: "ملآى" أوهم جواز النقصان، فأزاله بقوله: "لا يغيضها شيء"، وربما يمتلىء الشيءُ، ولا يغيض، فقيل: سَحَاءُ، ليؤذن بالغيضان، وقرنها بما يدلّ على الاستمرار، من ذكر الليل والنهار، ثم أتبعها بما يدلّ على أن ذلك ظاهر غير خاف على ذي بصر وبصيرة بعد أن انتقل من ذكر الليل والنهار إلى المدّة المتطاولة بقوله: "أرأيتم" مستأنفًا؛ لأنه خطاب عامّ، والهمزة فيه للتقرير، قال: وهذا الكلام إذا أخذته بجملته من غير نظر إلى مفرداته أبان زيادة الغنى، وكمال السعة، والنهاية في الجود، وبسط اليد في العطاء. انتهى كلامه ببعض تصرّف (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.