وقوله: (وَإِنَّ) عطف على مقدّر: أي إن ما في كتاب الله عز وجل حقّ، وإن ما حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ما حرّم الله.

و"إنّ" -بكسر الهمزة -؛ لأنه ابتداء كلام من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: يحتمل أن يكون من كلام الراوي، وهو بعيد. وصوّب الطيبيّ كونه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجعله من باب التجريد، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ} الآية [الأعراف: 158]. وأما جعله من كلام الراوي تخلّل بين كلامي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتعسّفٌ بعيدٌ من الفصاحة.

(مَا) موصولة، وصلتها قوله (حَرَّمَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-) حُذف العائد، كما قال في "الخلاصة":

........................ ... وَالحذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي

في عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ أوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ

وقوله: (مِثْلُ مَا حَرَّمَ الله) بالرفع خبر "إن": أي الذي حرمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه مثلُ الذي حرّمه الله -صلى الله عليه وسلم- في كتابه.

قيل: وفي الاقتصار على التحريم إشارة إلى أن الأصل في الأشياء الإباحة. وقيل: هو من باب الاكتفاء، أي ما حرّم وأحلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثلُ ما حرّم الله تعالى.

زاد في رواية أبي داود المذكورة: "ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يَقْرُوه، فإن لم يَقْرُوه فله أن يُعْقِبَهم بمثل قِرَاه".

فقوله: "ألا لا يحلّ لكم الخ" بيان للقسم الذي يثبت بالسنّة، ولم يوجد له ذكرٌ في الكتاب. ومنه "ولا لقطة معاهد الخ"، ومعناه: لا يحلّ التقاط ما ضاع من شخص معاهد، وهو الكافر الذي بينه وبين المسلمين عهد بأمان. وقوله: "إلا أن يستغني عنها صاحبها": أي يتركها لمن يأخذها؛ استغناء عنها. وقوله: "يقروه" بفتح الياء، وضم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015