عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ) بالفتح: جمع ظِلْف، بكسر فسكون، وهو للبقر والغنم، كالحافر للفرس (وَرُكَبِهِنَّ) بضم ففتح: جمع ركبة بضم، فسكون، كغُرْفة وغُرَف (كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ الله فَوْقَ ذَلِكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) فيه أن الله تعالى مستوٍ على عرشه، وهو بائن من خلقه، وقال السنديّ: تصوير لعظمته - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، وفوقيّته على العرش بالعلّوّ والعظمة والحكم، لا الحلول والمكان. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: إن قولنا: إن الله تعالى استوى على العرش، أي علا وارتفع، لا يلزم منه الاتحاد، ولا الحلول، بل هو استواء وعلوّ وارتفاع يليق بجلاله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، ولا يجوز أن نؤوّله بأنه بمعنى استولى كما هو مذهب الأشاعرة والمتكلّمين، فتنبه لهذه الدقيقة، فإنها من مزالّ الأقدام، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث العباس بن عبد المطّلب هذا ضعيف؛ لضعف الوليد بن عبد الله، بل كذّبه ابن نُمير، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء، وجهالة عبد الله ابن عَمِيرة؛ فإنّه لم يرو عنه إِلَّا سماك بن حرب، وضعفه العقيليّ وابن عديّ، وقال إبراهيم الحربيّ والذهبيّ: لا يُعرف، وقال البخاريّ في "التاريخ الكبير": لا يعلم له سماع من الأحنف.
والحاصل أن الحديث ضعيف جدًّا، فلا التفات إلى تحسين الترمذيّ له، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب.
(المسألة الثّانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (35/ 193) بهذا السند فقط، وأخرجه (أحمد) في "مسنده" (1/ 206 و 207) و (أبو داود) (4723 و 4725) و (الترمذيّ) (3320)،