قال الحافظ: وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الصَّدَفيّ، عن الزّهريّ كذلك، ونَقَل ابن خزيمة عن محمّد بن يحيى الذُّهْلي أن الطريقين محفوظان. انتهى.
قال: وصنيع البخاريّ يقتضي ذلك، وإن كان الّذي تقتضيه القواعد ترجيحَ رواية شعيب؛ لكثرة من تابعه، لكن يونس كان من خَوَاصِّ الزّهريّ الملازمين له.
انتهى ملخّصًا من "الفتح" (?)، وهو تحقيق نفيسٌ. والله تعالى أعلم.
(أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسْولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَقْبِضُ) بكسر الموحّدة، من باب ضرب (الله الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ) قال القاضي عياض: هذا الحديث جاء في "الصّحيح" على ثلاثة ألفاظ: القبض، والطيّ، والأخذ، وكلّها بمعنى الجمع، فإن السماوات مبسوطة، والأرض مَدْحُوّةٌ ممدودة، ثمّ رجع ذلك إلى معنى الرفع والإزالة والتبديل، فعاد ذلك إلى ضمّ بعضها إلى بعض وإبادتها، فهو تمثيل لصفة قبض هذه المخلوقات، وجمعها بعد بسطها، وتفرّقها دلالةً على المقبوض والمبسوط، لا على البسط والقبض، وقد يحتمل أن يكون إشارةً إلى الاستيعاب انتهى.
وقال السنديّ رحمه الله: هذا الحديث كالتفسير لقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]، والمقصود بيان عظمته تعالى، وحقارة الأفعال العظام الّتي تتحيّر فيها الأوهام بالإضافة إلى كمال قدرته، وهذا المقصود حاصلٌ بهذا الكلام، وإن لم يُعرف كيفيّة القبض، وحقيقة اليمين، فالبحث عنهما خارجٌ عن القدر المقصود إفهامه، فلا ينبغي. انتهى (?).
(ثُمَّ يَقولُ: أَنَا الْملِكُ) قال البيهقي رحمه الله: الملك، والمالك: هو الخاصّ الملكِ، ومعناه في حقّ الله تعالى القادر على الإيجاد، وهي صفة يستحقها لذاته. وقال الراغب: الملك التصف بالأمر والنهي، وذلك يختص بالناطقه، ولهذا قال: {مَلِكِ النَّاسِ}