"الطّلاق" (2063) من طريق محمّد بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن الأعمش: "تبارك الّذي وسع سمعه كلّ شيء"، أي يسمع كلّ الأصوات، وأحاط سمعه بالأصوات كلها، فلا يخفى عليه شيءٌ منها في الأرض ولا في السَّماء، جهر به المتكلّم، أو أسرّ، وهذا من عائشة رضي الله عنها ثناء على الله تعالى حين ظهر عندها آثار سعة سمعه، وهذا لا يدلّ على أنها كانت ليست عالمة بذلك قبلُ حتّى يقال: كيف خفي على مثلها هذا الأمر؟. قاله السنديّ (?) (لَقَدْ جَاءَتِ المُجَادِلَةُ) بكسر الدال، أي المرأة الّتي تجادل في مظاهرة زوجها لها، وهي خولة بنت ثعلبة، كما في الرِّواية الآية: "إنِّي لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة، ويَخفَى علي بعضه إِلَى النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.

أخرج قصّتها الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده" بطولها (26056): حَدَّثَنَا سعد ابن إبراهيم، ويعقوب قالا: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا محمّد بن إسحاق، قال: حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خولة بنت ثعلبة، قالت: والله فِيَّ وفي أوس بن صامت أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا، قد ساء خلقه وضَجِرَ، قالت: فدخل عليّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب، فقال: أنت علي كظهر أمي، قالت: ثمّ خرج فجلس في نادي قومه ساعةً، ثمّ دخل عليّ، فإذا هو يريدني على نفسي، قالت: فقلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي، وقد قلت ما قلت، حتّى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني، وامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشّيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت: ثمّ خرجت إلى بعض جاراتي، فاستعرت منها ثيابها، ثمّ خرجت حتّى جئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت منه، فجعلت أشكو إليه -صلى الله عليه وسلم- ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا خويلة ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله فيه"، قالت: فوالله ما بَرَحت حتّى نزل فِيّ القرآن، فتغشى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015