بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بدأ المصنّف رحمه الله تعالى كتابه بالبسملة اتباعًا للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- حيث كان يُصَدِّر بها كتبه إلى الملوك، وغيرهم، كما ثبت ذلك في قصّة هِرَقْل، وقصّة صلح الحديبية، وغير ذلك، مما أخرجه الشيخان، وغيرهما. وموافقةً للكتاب العزيز، حيث إن الصحابة -رضي الله عنهم- افتتحوا كتابة الإمام الكبير بها، وتبعهم على ذلك جميع من كتب المصحف بعدهم في جميع الأمصار، مَن يقول بأن البسملة آية من أوّل الفاتحة، ومن لا يقول به.

وقال إمام المفسّرين، أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ رحمه الله تعالى في تفسيره النافع ما نصّه:

إن الله تعالى ذكرُهُ، وتقدّست أسماؤه، أدّب نبيّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى، أمامَ أفعاله، وتقدّم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته، وجعل ما أدّبه به من ذلك، وعلّمه إياه منه لجميع خلقه سنّةً، يستنّون بها، وسبيلًا يتّبعونه عليها في افتتاح أوائل منطقهم، وصدور رسائلهم، وكتبهم، وحاجاتهم انتهى كلام ابن جرير (?).

[تنبيه]: إنما عَدَلتُ عن الاستدلال بما اشتهر الاحتجاج به -ولا سيّما عند المتأخرين من المصنّفين- على استحباب البسملة، وهو حديث: "كلّ أمر ذى بال، لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم، فهو أبتر"، وفي رواية: "لا يُبدأ بالحمد لله"، وفي رواية: "بالحمد، فهو أقطع"، وفي رواية: "أجذم"، وفي رواية: "لا يبدأ فيه بذكر الله". رواه الحافظ عبد القادر الرُّهَاويّ رحمه الله تعالى في "أربعينه" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-كما ذكره النوويّ رحمه الله تعالى في شرحه- إلى ما ذكرته لضعفه جدًّا، بل ادّعى بعضهم وضعه، وإن لم يُوافق عليه، وقد ذكرت في "شرح مقدمة مسلم" خمس عشرة مسألة، مما يتعلق بالبسملة، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015