فلا يثبت شيء منها إِلَّا بما صحّ سنده، واستقام متنه، فتفطّن. والله تعالى أعلم.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (كَانَ في عَمَاءٍ) قال ابن الأثير: في "النهاية": "العماء" بالفتح والمدّ: السحاب، قال أبو عُبيد: لا يُدرَى كيف كان ذلك العماء، وفي رواية: كان في عمًا بالقصر، ومعناه ليس معه شيء، وقيل: هو كلُّ أمر لا تُدركه عُقُول بني آدم، ولا يبلُغ كنهه الوصف والْفِطَنُ، ولا بُدّ في قوله: "أين كان ربُنا" من مضاف محذوف، كما حُذف في قوله تعالى (?): {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} الآية [البقرة: 210] ونحوه، فيكون التقدير: أين كان عرش ربّنا؟ ويدلُّ عليه قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7]، وقال الأزهريّ: نحق نؤمن به، ولا نكيّفه بصفة، أي نُجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لو صحَّ الحديث لكان ما قاله الأزهريّ هو الصواب، لكن قد عرفت أنه ضعيف، فلا حاجة إلى التكلّف، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

وقال السنديّ بعد ما ذكر تفسير العماء عن "النهاية": ومن لا يُقدّر مضافًا يقول: ليس المراد من العماء شيئًا موجودًا غير الله؛ لأنه حينئذ يكون من قبيل الخلق، والكلام مفروضٌ قبل أن يخلُق الخلق، بل المراد ليس معه شيء، ويدلّ عليه رواية "كان في عَمًى بالقصر، فإن العمى بالقصر مفسَّرٌ به.

قال الترمذيّ: قال أحمد بن منيع: قال يزيد بن هارون: العماء أي ليس معه شيء، وعلى هذا كلة "في" في قوله: "كان في عماء" بمعنى "مع"، أي كان مع عدم شيء آخر، ويكون حاصل الجواب الإرشادَ إلى عدم المكان، وإلى أنه لا أين ثمة؟ فضلًا عن أن يكون هو في مكان، وقال كثير من العلماء: هذا من حديث الصفات، فنؤمن به، ونَكِلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015