جائز بكلّ حال، لكن إن شقّ عليه تعهّده بالدَّهْن والتسريح استُحِبّ حلقه، وإن لم يشقّ استُحبّ تركه. انتهى كلام النوويّ رحمه الله، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "سيماهم التحليق": أي جعلوا ذلك علامةً لهم على رَفْضهم زينة الدنيا، وشِعَارًا لِيُعرَفوا به كما يَفعَل بعض رُهْبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم، وقد جاء في وصفهم مرفوعًا: "سيماهم التسبيد" (?)، أي الحلق، يقال: سبد رأسه حلقه، وهذا كلّه منهم جهل بما يُزهَد فيه، وما لا يُزهد فيه، وابتداعٌ منهم في دين الله تعالى شيئًا كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه، فلم يُرْوَ عن أحد منهم أنهم اتَّسموا بذلك، ولا حَلَقُوا رؤوسهم في غير إحلال، ولا حاجة، وقد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- شعرٌ، فتارة فرقه، وتارة صيّره جُمّةً، وأُخرى لِمَّةً، وقد رُوي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من كانت له شعرة، أو جُمّة فليُكرمها" (?)، وقد كره مالك الحلق في غير إحرام، ولا حاجة ضروريّة. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بكراهة الحلق ممّا لا وجه له؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "احلقوه كله، أو اتركوه كله"، وهو حديث صحيح، كما مرّ آنفًا، فالحقّ ما سبق تحقيقه عن النوويّ رحمه الله. والله تعالى أعلم.

(إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ أَوْ) للشكّ من الراوي ("إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ") فيه الأمر بقتل الخوارج، وقد تقدّم تحقيقه، وأقوال أهل العلم فيهم، فلا تغفُل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015