وقال القرطبيّ رحمه الله: ما معناه: قوله: "فيهم رجل مُخْدَج اليد، أو مودن اليد، أو مُثدن اليد" على لفظ الشكّ لجميع الرواة، وقال بعضهم: "مَثْدُون"، وكذا هو عند العُذْريّ، والطّبريّ، والباجيّ.

فأمّا "مُخْدَجُ اليد" فناقصها، و"مُثدَنُ اليد" و"مثدونها" صغيرها، ومُجْتَمعها بمنزلة ثندوة الرَّجل، وكان أصله مثند، فقدّمت الدال على النون، كما قالوا: جبذ وجذب، وقيل: معناه كثير اللّحم، قال ابن دريد: ثدن الرَّجل ثدنًا: إذا كثُر لحمه وثَقُل، وعلى هذا فلا يكون في الجرف قلبٌ.

وأما "مودن"، فقال أبو مروان بن سرّاج: يُهمز ولا يُهمز، قال ابن دُريد: رجل مودنٌ ناقص الخلق، وودن ومودن، وكلّه بالدال المهملة.

والذي يجمع شَتَات هذه الأحاديث في صفة يد هذا المخدج، ويُبيّن صفتها ما جاء في حديث زيد بن وهب الّذي قال فيه: "وآية ذلك أن فيهم رجلًا له عَضُدٌ ليس له ذراعٌ، على رأس عضده مثل حَلَمَة الثدي، عليه شَعَرَاتٌ بِيضٌ"، وهذه الرِّواية هي أحسن الروايات، وأكملها، وأبينها. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).

(وَلَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا) كتفرَحُوا وزنًا ومعنًى، أي لولا خشيةُ أن تفرحوا بكثرة الثّواب، وعظيم الأجر فرَحًا يؤدّي إلى ترك الأعمال، وكثرة الطغيان (لحَدَّثْتكُمْ بِمَا وَعَدَ الله) فعل وفاعل، ومفعوله قوله: (الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بـ "وعد"، وفي رواية زيد بن وهب عند مسلم: "لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضِيَ لهم على لسان نبيهم لَنكلُوا عن العمل".

قال عَبِيدة لعلّيّ -رضي الله عنه- مستثبتًا لا شكّا فيه: (قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْته مِنْ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟) أي سمعت هذا الثّواب الّذي وعده الله -عَزَّ وَجَلَّ- لقاتليهم؟ (قَالَ) عليّ -رضي الله عنه- (إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ) "إِيْ" -بكسر الهمزة، وسكون الياء- حرف جواب، كنَعَم، قال ابن هشام في "مغنيه":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015