يُصَلِّي حذاءك، وأنت رسول الله؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهمًا وعلمًا".

(الحكْمَةَ) ولفظ البخاريّ: "اللَّهُمَّ علمه الكتاب"، قال في "الفتح": المراد بالكتاب القرآن؛ لأن العرف الشرعي عليه، والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه، والتفهم فيه، ووقع في رواية مسدد "الحكمة" بدل "الكتاب"، وذكر الإسماعيلي أن ذلك هو الثابت في الطرق كلها عن خالد الحذاء، كذا قال، وفيه نظر؛ لأن البخاريّ أخرجه أيضًا من حديث وهيب عن خالد بلفظ "الكتاب" أيضًا، فيُحْمَل على أن المراد بالحكمة أيضًا القرآن، فيكون بعضهم رواه بالمعنى، وللنسائيّ والترمذي من طريق عطاء، عن ابن عبّاس قال: "دعا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أُوتَى الحكمة مرتين".

فيَحْتَمِل تعدد الواقعة، فيكون المراد بالكتاب القرآن، وبالحكمة السنة، ويؤيده أن في رواية عبيد الله بن أبي يزيد عند الشيخين: "اللَّهُمَّ فقهه في الدين"، لكن لم يقع عند مسلم "في الدين"، وذكر الحميدي في "الجمع" أن أبا مسعود ذكره في "أطراف الصحيحين" بلفظ: "اللَّهُمَّ فقهه في الدين، وعلمه التّأويل"، قال الحميدي: وهذه الزِيادة ليست في "الصحيحين".

قال الحافظ: وهو كما قال، نعم هي في رواية سعيد بن جبير عند أحمد، وابن حبّان، والطبراني، ورواها ابن سعد من وجه آخر عن عكرمة مرسلًا، وأخرج البغوي في "معجم الصّحابة" من طريق زيد بن أسلم، عن ابن عمر: "كان عمر يدعو ابن عبّاس، ويُقَرِّبه، ويقول: إنِّي رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاك يومًا، فمسح رأسك، وقال: اللَّهُمَّ فقهه في الدين، وعلمه التّأويل".

واختلف الشراح في المراد بالحكمة هنا، فقيل: القرآن بهما تقدّم، وقيل: العمل به، وقيل: السنة، وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقيل: العقل، وقيل: ما يَشْهَد العقل بصحته، وقيل: نُورٌ يُفَرَّق به بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة، وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12]، والأقرب أن المراد بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015