اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار". ولفظ مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استغفر للأنصار -قال: وأحسبه قال-: "ولذرَاريّ الأنصار، ولموالي الأنصار" لا أشكّ فيه.
قال القرطبيّ رحمه الله: ظاهره الانتهاء بالاستغفار إلى البطن الثّالث، فيمكن أن يكون ذلك؛ لأنهم من القرون الّتي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خير أُمَّتي قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم" متّفقٌ عليه. ويمكن أن تشمل بركة هذا الاستغفار المؤمنين من نسل الأنصار إلى يوم القيامة مبالغةً في إكرام الأنصار، لا سيّما إذا كانت نيّة الأولاد فعل مثال ما سبق إليه الأجداد، ويؤيّد ذلك قوله في الرِّواية الأخرى: "ولذرَارِيّ الأنصار". انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
(مسألة):
حديث عمرو بن عوف -رضي الله عنه- هذا ضعيف بهذا الإسناد؛ لاتفاقهم على ترك كثير بن عبد الله، فقد تركه النَّسائيّ، والدراقطنيّ، وضعّفه غير واحد، واتّهمه الشّافعي وأبو داود بالكذب، كما سبق في ترجمته، قال: البوصيريّ: هذا إسناد ضعيف، فيه كثير بن عبد الله، وهو متّهمٌ، ورواه البخاريّ ومسلم من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- بلفظ "اللَّهُمَّ اغفر للأنصار"، والباقي مثله، وهو في "جامع الترمذيّ" من حديث أنس -رضي الله عنه -كما هو في "الصحيحين"، وقال: حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه. انتهى (?).
والحاصل أن الحديث صحيح، من حديث زيد بن أرقم، ومن حديث أنس -رضي الله عنه-.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].