يشاء. (?).
قال أبو العبّاس القرطبيّ -بعد ذكره سبب الحديث- وهو قصة ما جرى بين خالد بن الوليد وبين عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنهما، كما سبق بيانه -: ما نصّه: فأظهر ذلك السبب أن مقصود هذا الخبر زجر خالد، ومن كان على مثل حاله ممّن سُبِقَ بالإسلام، وإظهار خصوصيّة السابق بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأن السابقين لا يَلْحَقهم أحد في درجتهم، وإن كان أكثر نفقةً وعملًا منهم، وهذا نحو قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً} [الحديد: 10]، ويدلُّ على صحّة هذا المقصود أن خالدًا وإن كان من الصّحابة -رضي الله عنهم- لكنه متأخّر الإسلام، قيل: أسلم سنة خمس، وقيل: سنة ثمان، لكنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا عدل عن غير (?) خالد وعبد الرّحمن إلى التعميم دل ذلك على أنه قصد مع ذلك تقعيد قاعدةِ تغليظ تحريم سبّ الصّحابة مطلقًا، فيحرُمُ ذلك من صحابيّ وغيره؛ لأنه إذا حُرِّم على صحابيّ، فتحريمه على غيره أولى، وأيضًا فإن خطابه -صلى الله عليه وسلم- للواحد خطاب للجميع، وخطابه للحاضرين خطاب للغائبين إلى يوم القيامة، انتهى كلام القرطبيّ، وهو كلام نفيسٌ جدًّا (?).
وقال القاضي عياض: ومن أصحاب الحديث من يقول: هذه الفضيلة مختصة بمن طالت صحبته، وقاتل معه، وأنفق، وهاجر، ونصر، لا لمن رآه مَرّةً، كَوُفُود الإعراب، أو صَحِبَه آخرًا بعد الفتح، وبعد إعزاز الدين، ممّن لم يوجد له هجرة، ولا أَثَرٌ في الدين، ومنفعة المسلمين، قال: والصّحيح هو الأوّل، وعليه الأكثرون، والله أعلم، انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الّذي قاله عياض من تصحيح رأي الجمهور