بضرب فوق الأعناق، وعلى البنان، مثل وَسْمِ النّار، وفي "مسند إسحاق" عن جُبير بن مُطْعِم قال: رأيت قبل هَزِيمة القوم ببدر مثل النجاد الأسود، أقبل من السَّماء كالنمل، فلم أشك أنها الملائكة، فلم يكن إِلَّا هزيمة القوم، وعند مسلم من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما بينما رجل مسلم يَشْتَدّ في أثر رجل مشرك إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس ... الحديث، وفيه: فقال: النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ذلك مَدَدٌ من السَّماء الثّالثة".
وعند ابن إسحاق من حديث أبي واقد الليثيُّ -رضي الله عنه- قال: إنِّي لأَتَّبعُ يوم بدر رجلًا من المشركين لأضربه فوقع رأسه قبل أن يَصِلَ إليه سيفي، وعند البيهقي من طريق ابن محمّد بن جُبير بن مطعم أنه سمع عليا -رضي الله عنه- يقول: هَبَّت ريح شديدة لم أَرَ مثلها، ثمّ هبت ريح شديدة وأظنه ذكر ثالثة، فكانت الأولى جبريل، والثّانية ميكائيل، والثالثة إسرافيل، وكان ميكائيل عن يمين النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفيها أبو بكر، وإسرافيل عن يساره وأنا فيها، ومن طريق أبي صالح عن علي -رضي الله عنه- قال: "قيل لي ولأبي بكر يوم بدر مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يحضر الصف ويشهد القتال"، وأخرجه أحمد، وأبو يعلى، وصححه الحاكم.
[فائدة]: قال: الشّيخ تقي الدين السبكي رحمه الله: سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع أن جبريل عليه السلام قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-، وتكون الملائكة مَدَدًا على عادة مَدَدِ الجيوش رعايةً لصورة الأسباب وسنتها الّتي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع، انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.