أخرج له البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأبو داود، والنَّسائيّ في "اليوم واللّيلة"، والمصنّف، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، هذا (153) وحديث (1801) "لا يُجمَع بين متفرّق، ولا يُفرّق بين مجتمع"، والباقيان تقدّما في الباب الماضي، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ) أنه (قَالَ: جَاءَ خَبَّاب) بن الأرتّ -رضي الله عنه- (إِلَى عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (فَقَالَ) أي عمر لخبّاب رضي الله عنهما (ادْنُ) أمر من الدنوّ، وهو القرب، أي اقرب إلى مجلسي، وفي "تحفة الأشراف" 3/ 120: "ادنه" بزيادة هاء السكت (فما) نافيةٌ حجازيّة، ترفع الاسم وتنصب الخبر، واسمها قوله: (أَحَدٌ) وخبرها قوله: (أَحَقَّ بِهَذا الْمَجْلِسِ مِنْكَ) أي لما لك من السابقيّة، والبلاء والإبلاء في الإسلام (إِلَّا عَمَّارٌ) -رضي الله عنه-، بالرفع على البدليّة من "أحدٌ"، ويجوز في مثله النصب، فيجوز أن ينصب، ويُعتذر عن ترك الألف بأنه مبنيّ على مسامحة أهل الحديث في الكتابة، وهو اعتذار مشهور، لكن ههنا غير مستحسن؛ لعدم الحاجة إليه. قاله السنديّ (?).
وقوله: "لعدم الحاجة إليه"، أي لأن الرفع على البدليّة وجه صحيح، بل هو المختار، كما قال في "الخلاصة":
وَبَعْدَ نَفْي أَوْ كَنَفْي انْتُخِبْ ... إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ ...................
فلا ضرورة تدعوا إلى النصب. والله تعالى أعلم.
وفيه أن عمر -رضي الله عنه- يُقدِّم في مجلسه أولي الفضل من الصّحابة -رضي الله عنهم- من سبقت لهم السوابق في الإسلام من التكاليف الشّاقّة، وكان عمّار ممّن عُذّب في الله تعالى عذابًا شديدًا، ولذا قدّمه في الرتبة على خبّاب (فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ) بضم أوله من الإراءة، أي يظهر له حتّى يراه تصديقًا لعمر -رضي الله عنه- (آثَارًا بِظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ) أي من أجله، و"ما" مصدريّة، أي من أجل تعذيب المشركين له حتّى يرجع عن دينه، فكأن خبّابًا -رضي الله عنه-