رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: مُلِئَ) بضم أوله مبنيّا للمفعول، ونائب فاعله قوله: (عَمَّارٌ) -رضي الله عنه- إِيمَانًا) منصوب على التمييز (إِلَى مُشَاشِهِ) وفي رواية أبي نُعيم في "الحلية": "من قرنه إلى قدمه". و"الْمُشَاش" -بضم الميم، وتخفيف المعجمتين: هي رؤوس العظام، كالمرفقين، والكتفين، والركبتين، وقال الجوهريّ: هي رؤوس العظام الليّنة الّتي يمكن مَضْغُها. انتهى (?).
وقال السنديّ بعد ما ذكر نحو هذا: وعلى هذا فيمكن أن يقال: إنّه طيّب بأصل الخلقة، ومطيّب باعتبار أن الله تعالى زاد فيه ذلك بحيث ملأه منه (?).
وقال في "إنجاح الحاجة": أي دخل الإيمان في قلبه، وتفسّح في صدره حتّى سرى إلى عروقه وعظامه في سائر الجسد، وكان -صلى الله عليه وسلم- يدعو "اللَّهُمَّ اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا" حتّى يقول: "واجعلني نورًا"، والمراد به نور الإيمان، انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه العلّة المذكورة في الحديث السابق؟.
[قلت]: إنّما صحّ لأن له شاهدًا، وهو ما أخرجه النَّسائيّ في "الفضائل" من "الكبرى" (8215) قال: أَخْبَرَنَا إسحاق بن منصور، قال: أَخْبَرَنَا عبد الرّحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمّار، عن عمرو بن شُرَحبيل، قال: حَدَّثَنَا رجلٌ من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مُلىء عمّار بن ياسر إيمانًا إلى مشاشه" (?).