الأحزاب من قريش وغيرهم لما جاءوا إلى المدينة، وحفر النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الخندق بلغ المسلمين أن بني قريظة من اليهود نقضوا العهد الّذي كان بينهم وبين السلمين، ووافقوا قريشًا على حرب المسلمين (?) (فَقَالَ الزُّبَيْرُ) بن العوّام -رضي الله عنه- (أَنَا) أي أنا آتيك به (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ "، فَقَالَ الزُّبَيْرُ) -رضي الله عنه- (أَنَا، ثَلَاثًا) أي ردّد السؤال والجواب ثلاث مرّات (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ) أي خاصّةً، وناصرًا مخلصًا، وذكر البخاريّ رحمه الله تعليقًا: وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: هو حواريّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وسُمّي الحواريّون لبياض ثيابهم. انتهى، قال في "الفتح": وصله ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس به، وزاد "أنهم كانوا صيّادين"، وإسناده صحيح إليه، وأخرج عن الضحّاك أن الحواريّ هو الغَسّال بالنبطيّة، لكنهم يجعلون الحاء هاء، وعن قتادة أن الحواريّ هو الّذي يصلح للخلافة، وعنه هو الوزير، وعن ابن عيينة هو الناصر، أخرجه الترمذيّ وغيره عنه، وعند الزُّبير بن بكّار من طريق مسلمة بن عبد الله ابن عروة مثله، وهذه الثّلاثة الأخيرة متقاربة، وقال الزُّبير عن محمّد بن سلام: سألت يونس بن حبيب عن الحواريّ، قال: الخالص، وعن ابن الكلبيّ: الحواريّ الخليل. انتهى (?).
وقال السنديّ رحمه الله: قوله: "حواري" بكسر الراء، وتشديد الياء، لفظه مفرد بمعنى الخالص والناصر، والياء فيه للنسبة، وأصل معناه البياض، فهو منصرف منوّنٌ. انتهى (وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ) قال النووي رحمه الله: قال القاضي عياض: اختُلف في ضبطه، فضبطه جماعة من المحققين بفتح الياء من الثّاني، كمُصْرِخيَّ، وضبطه أكثرهم بكسرها، والحواريّ: الناصر، وقيل: الخاصّة. انتهى (?).