شرح الحديث:

عن بكر بن زُرعة رحمه الله تعالى، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أبا عِنبةَ) تقدّم ضبطه قريبًا (الخُوْلَانِيَّ) بفتح الخاء المعجمة، وسكون الواو-: نسبة إلى خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرّة بن أُدد بن يَشجب بن عَرِيب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وبعض الخولان يقولون: خولان بن عمرو بن إلحاف بن قُضاعة، وهي قبيلة نزلت الشام، يُنسب إليها جماعة من العلماء (?).

(وَكَانَ قَدْ صَلى القِبْلَتَيْنِ) أي إليهما، ففيه الحذف والإيصال، و"القبلتان": هما بيت المقدس، والكعبة (مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-) فيه دليل على أنه صحابيّ، وهو الأصحّ، كما أشرت إليه في ترجمته السابقة، فقدَ عدّه جماعة من أهل العلم في الصحابة، منهم: البخاريّ، وابن سعد، وخليفة، والبغويّ (قَالَ) أي أبو عِنَبة (سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-) فيه تصريح بصحبته (يَقُولُ: "لَا يَزَالُ الله يَغْرِسُ) بفتح أوله، أو ضمّه، وكسر ثالثه، من الغَرْس، أو الإغراس، يقال: غَرَسَ الشجرَ، يَغْرِسه، من باب ضرب: أثبته في الأرض، كأغرسه. أفاده في "القاموس". وهو هنا كناية عن تثبيتهم على الحقّ، وتأييدهم بالحجج (في هَذَا الدِّينِ) أي الإسلاميّ، لأنه المراد عند الإطلاق، كما نصّ الله عز وجل عليه في كتابه العزيز، حيث قال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الآية [آل عمران: 19]، وقال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية [آل عمران: 85]. وقوله: (غَرْسًا) -بفتح، فسكون- منصوب على أنه مفعول به لقوله: "يغرس"، وهو بمعنى مفعول، قال في "القاموس"، و"شرحه": الغَرْس -بالفتح-: الشجر المغروس، جمعه أَغْراس، وغِرَاس بالكسر. انتهى. والمراد هنا: القوم الذين يقيمهم الله تعالى لحفظ الدين، ويثبتهم بالإيمان واليقين (يَسْتَعْمِلُهُمْ في طَاعَتِهِ) أي ييسّر لهم أسباب طاعته، ويُنير لهم الطريق إلى نيل عنايته ومرضاته. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015