(وَسَمِعْتُهُ) أي النبيّ - صلّى الله عليه وسلم - (يَقُولُ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) هذه الجملة تقدّم شرحها في الحديث الثّاني من هذا الباب، وقوله: (إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي) قال بعض العلماء: فيه دليل على أن عيسى -عليه السّلام- إذا نزل ينزل حكمًا من حُكّام هذه الأمة، يدعو بشريعة محمّد - صلّى الله عليه وسلم -، ولا ينزل نبيّا. ذكره النوويّ (?).

(وَسَمِعْتُهُ) - صلّى الله عليه وسلم - (يَقُولُ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ) أي العلم الّتي هي علامة للإمارة (الْيَوْمَ) أي يوم خيبر، وفي رواية "الصحيحين": "غدًا" (رَجُلًا يُحِبّ الله وَرَسُولَه) فيه إيماءٌ إلى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، الآية. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث صحيح، وهو مشتمل على ثلاثة أحاديث صحاح، فقد تقدّم حديث: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إِلَّا أنه لا نبيّ بعدي" برقم (115)، وحديث: "من كنت مولاه فعليّ مولاه"، برقم (116).

وأما حديث: "لأعطينّ الراية إلخ" فقد أخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، فأخرجه البخاريّ (2942) و (3009) و (3701) ومسلم (2406) وأخرجه أحمد في "مسنده" (22821) وأبو داود في "سننه" (3661)، والنَّسائيّ في "فضائل الصّحابة" من "الكبرى" (8093) وابن حبّان في "صحيحه" (6933) كلهم أخرجوه من حديث سهل بن سعد الساعديّ -رضي الله عنه-، وفوائد الحديث تقدّمت، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015