قتله، بناء منهم على أنه كان بالمدينة، وأنه كان متمكّنًا من نُصرته، وكلّ ذلك ظنٌّ وكَذِبٌ، وتأويل باطلٌ غَطَّى التعصّب منه وجه الصواب، وقد ثبت أن عليًّا -رضي الله عنه- أقسم بالله أنه ما قتله، ولا مالأ على قتله، ولا رضيه، ولم يقُل أحدٌ من النِّقَلَة قطّ، ولا سُمِع من أحد أن عليًّا كان مع القَتَلَة، ولا أنه دخل معهم الدَّار عليه، وأما ترك نُصرته فعثمان -رضي الله عنه- أسلم نفسه، ومنع من نُصرته، قال: ومما تشبَثوا به أنهم نسبوا عليّا إلى ترك أخذ القصاص من قَتَلة عثمان -رضي الله عنه-، وإلى أنه منعهم منهم، وأنه قام دونهم، وكلّ ذلك أقوالٌ كاذبة، أنتجت ظنونًا غير صائبة، ترتّب عليها ذلك البلاء، كما سبق به القضاء. انتهى كلام القرطبيّ (?).
وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: الأحاديث الواردة الّتي في ظاهرها دخل على صحابيّ يجب تأويلها، قالوا: ولا يقع في روايات الثقات إِلَّا ما يُمكن تأويله، فقول معاوية -رضي الله عنه- هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدًا بسبّه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السبّ كأنه يقول: هل امتنعت تورّعًا أو خوفًا أو غير ذلك، فإن كان تورّعًا وإجلالًا له عن السبّ فأنت مصيب محسنٌ، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعلّ سعدًا قد كان في طائفة يسبّون فلم يسُبّ معهم، وعجز عن الإنكار، وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال، قالوا: ويحتمل تأويلًا آخر أن معناه: ما منعك أن تُخطّئه في رأيه واجتهاده، وتُظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا، وأنه أخطأ. انتهى كلام النوويّ (?).
(فَغَضِبَ سَعْدٌ) -رضي الله عنه- (وَقَالَ: تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ) أي في حقّ رجل، فاللام بمعنى "في" (سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ) أي في شأنه ("مَنْ كنْتُ مَوْلَاهُ فَعَليٌّ مَوْلَاهُ") قيل: معناه: من كنت أتولّاه فعَليّ يتولّاه، من الوليّ ضدّ العدوِّ، أي من كنت أحبه فعليّ يُحبّه، وقيل: من يتولّاني، فعليّ يتولاه. قاله القاري (?).