فقط، فلما رجع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من تبوك قعد مقعده، وعاد عليّ -رضي الله عنه- إلى ما كان عليه قبل، وهذا كما استَخلَف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المدينة ابنَ أُمّ مكتوم وغيرَه، ولا يلزم من ذلك استخلافه دائمًا بالاتفاق (?).
وقال الطيبيّ بعد ما ذكر نحو ما تقدّم: ما نصّه:
أقول: وتحريره من جهة علم المعاني أن قوله: "منّي" خبر للمبتدإ، و"من" اتّصاليّة، ومتعلّق الخبر خاصّ، والباء زائدة، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ} الآية [البقرة:137]: أي فإن آمنوا إيمانًا مثل إيمانكم، يعني أنت متصل بي، ونازل منّي منزلة هارون من موسى، ثم بيّن بقوله: "إلا أنه لا نبي بعدي"، أن اتّصاله به ليس من جهة النبوّة، فبقي الاتّصال من جهة الخلافة؛ لأنها تلي النبوّة في المرتبة، ثم إما أن يكون حال حياته، أو بعد مماته، فخرج من أن يكون بعد مماته؛ لأن هارون عليه السلام مات قبل موسى، فتعيّن أن يكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك. انتهى كلام الطيبيّ ببعض تصرف (?).
وخلاصته أن الخلافة الجزئيّة في حياته لا تدلّ على الخلافة الكلية بعد مماته، لا سيّما وقد عُزل عن تلك الخلافة برجوعه -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة. قاله القاري (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبين بما سبق بطلان استدلال الشيعة والرافضة بهذا الحديث على أن الخلافة بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعليّ -رضي الله عنه-، نسأل الله تعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم، اللهم أرنا الحقّ حقّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، آمين آمين آمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.