رجلَّا، فسارّه بشيء، فما كان إلا أن أقبل عثمان، فأقبل عليه بوجهه وحديثه، فسمعته يقول له: يا عثمان إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصًا، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه"، ثلاث مرار، قال: فقلت: يا أم المؤمنين، فأين كنتِ عن هذا الحديث؟ فقالت: يا بُنَيّ والله لقد أُنسيته حتى ما ظننت أني سمعته.

(إِنْ) بكسر الهمزة شرطيّة (وَلَّاكَ الله هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا) هو فعل ماض، من التولية: أي جعلك واليًا لهذا الأمر، والمراد أمر الخلافة (فَأَرَادَكَ المنافِقُونَ) فيه دلالة واضحة على أن قتلة عثمان -رضي الله عنه- منافقون، وليسوا بالمؤمنين (أَنْ) بفتح الهمزة مصدريّة، ولذا نُصب بها قوله: (تَخْلَعَ) بفتح أوله، وثالثه، من باب قطع: أي تَنزع.

قال السنديّ: قوله: "فأرادك إلخ" أي أرادوا منك الخلع، فهو على نزع الخافض، أو قهروك على الخلع، ويؤيّده ما في بعض النسح: "على أن تخلع"، فتعدية الإرادة إلى المخاطب، وبـ "على" لتضمينها معنى القهر، أو المراد قصدوك لخلعه. انتهى (?).

(قَمِيصَكَ) قال الطيبيّ: استعار القميص للخلافة، ورشّحها بذكر الخلع، قال في "أسرار البلاغة" ومن المجاز قمّصه الله وَشْيَ الخلافة، وتقمّص لباس العزّ، ومن هذا الباب قوله: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري" (?)، وقولهم: "المجدُ بين ثوبيه، والكَرَم بين بُرْديه". انتهى (?).

(الَّذِي قَمَّصَكَ الله) بتشديد الميم؛ أي ألبسك الله إياه (فَلَا تَخْلَعْهُ) أي لا تطاوعهم على ذلك، والمعنى أنهم إن قصدوا عزلك، فلا تَعْزِل نفسك عن الخلافة؛ لأجلهم؛ لكونك على الحقّ، وهم على الباطل (يَقُولُ) -صلى الله عليه وسلم- (ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إنما كرّره تأكيدًا للأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015