عمر؛ لأنه لا يلزم من كون المنام على ظاهره أن لا يكون بعضه يفتقر إلى تعبير، فإن رؤيا الأنبياء حقّ -يعني أنها ليست من أضغاث الأحلام- سواء كانت على حقيقتها، أو مثالًا. انتهى كلام الحافظ. قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التأويل الذي ذكره الحافظ رحمه الله هو الأظهر عندي، يؤيّد ذلك أن ما يراه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وإن كان حقّا من نوع الوحي، إلا أن بعضه يقبل التأويل، كما في الحديث الذي أخرجه أحمد، والترمذيّ بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تنفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: رأيت في سيفي ذي الفقار فَلًّا، فأولته فَلًّا يكون فيكم، ورأيت أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فأولته كبش الكَتِيبة، ورأيت أَني في دِرْعٍ حَصِينة فأولتها المدينة، ورأيت بَقَرًا تُذبَح فبقر والله خير، فبقر والله خير، فكان الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فقد وقع كل ما ذكره في هذا الحديث على التأويل، فلا يُستبعد أن يكون رؤيته في قصّة وضوء المرأة من هذا القبيل. والله تعالى أعلم.
(فَقُلْتُ: لمِنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالَتْ: لِعُمَرَ) هذا صريح في أنّ سؤاله -صلى الله عليه وسلم- كان موجّهًا إلى تلك المرأة، ولذا قال: فقالت، ووقع في حديث جابر -رضي الله عنه- عند البخاريّ بلفظ: "فقال"، وفي رواية الكشميهني: "فقالوا"، فقال في "الفتح": والظاهر أن المخاطب له بذلك جبريل أو غيره من الملائكة. انتهى. (فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ) أي شدّة غيرته، وحِدّتها، قال الجرجاني: "الغيرة": كراهة شركة الغير في حقّه. انتهى (?). وقال الفيّوميّ: غار الرجل على امرأته، والمرأة على زوجها يَغار، من باب تعب غَيْرًا وغَيْرَةً، قال ابن السّكّيت: ولا يقال: غِيرًا وغِيرَةً بالكسر، فالرجل غيورٌ، والمرأة غَيور أيضًا، وغَيْرَى. انتهى (?).