هذه الطائفة؟، وأين هم؟، فقال عليّ بن المدينيّ: هم العرب، واستدلّ برواية من روى: "وهم أهل الغرب"، وفسّر "الغرب" بالدلو العظيمة. وقيل: أراد بالغرب أهل القوّة، والشدّة، والحدّ، وغرب كلّ شيء حدّه. وقيل: أراد به غرب الأرض، وهو ظاهر حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- وقال فيه: "لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ في المغرب حتى تقوم الساعة". ورواه عبد بن حميد، وقال فيه: "لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحقّ حتى تقوم الساعة، أو يأتي أمر الله". ورواه بقيّ بن مَخْلَد في "مُسنده" كذلك: "لا يزال أهل المغرب كذلك".
قال القرطبيّ: وهذه الروايات تدلّ على بطلان التأويلات المتقدّمة، وعلى أن المراد به أهل المغرب في الأرض، لكن أول المغرب بالنسبة إلى الدينة مدينة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنما هو الشام، وآخره حيث تنقطع الأرض من المغرب الأقصى، وما بينهما، كلّ ذلك يُقال عليه: مغرب، فهل أراد المغرب كلّه، أو أوّله" كل ذلك محتملٌ، لا جَرَم قال معاذٌ -رضي الله عنه- في الحديث الآخر: "هم أهل الشام"، ورواه الطبريّ، وقال: هم ببيت المقدس. وقال أبو بكر الطرطوشيّ في رسالة بعث بها إلى أقصى المغرب بعد أن أورد حديثًا في هذا المعنى قال: -والله تعالى أعلم- هل أرادكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أراد بذلك جملةَ أهل المغرب لما هم عليه من التمسّك بالسنّة والجماعة، وطهارتهم من البِدَع والإحداث في الدين، والاقتفاء لآثار من مضى من السلف الصالح؟. والله تعالى أعلم. انتهى ما ذكره القرطبيّ (?).
وقال في "الفتح": قال صاحب "المشارق" في قوله" "لا يزال أهل الغرب" يعني الرواية التي في بعض طرق مسلم، وهي -بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء-: ذكر يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني قال: المراد بالغرب الدلو: أي الْعَرَب -بفتح المهملتين- لأنهم أصحابها، لا يستقي بها أحد غيرهم، لكن في حديث معاذ: "وهم