كانا حيين ما حدّثت به" (?).
(لَا) ناهية، ولذا جُزم بها قوله (تُخْبِرْهُمَا يَا عَليُّ مَا) مصدريّة ظرفيّة (دَامَا حَيَّيْنِ) أي مدّة دوامهما في الدنيا، قال السنديّ رحمه الله: ذُكر لإفادة التأبيد؛ لئلا يُظَنّ تخصيص النهي بالحال، وإلا فلا يُتصوّر الإخبار بعد الموت، انتهى (?).
وقال القاري: قوله: "لا تخبرهما" ربما سبق إلى الوهم أنه -صلى الله عليه وسلم- خشِي عليهما العجب والأمن، وذلك وإن كان من طبع البشرية، إلا أن منزلتهما عنده -صلى الله عليه وسلم- أعلى من ذلك، وإنما معناه: والله لا تخبرهما يا عليّ قبلي لأبشّرهما بنفسي، فيبلغهما السرور مني، انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الخشية التي استبعدها القاري هي الأقرب والأوضح، يؤئد ذلك قول عليّ -رضي الله عنه-: "فما أخبرت به حتى ماتا إلخ", والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفي إسناده الحسن بن عُمارة، وهو متروك، والحارث، وهو ضعيف عند الجمهور؟.
[قلت]: الحديث له طرق، فقد جاء عن عليّ -رضي الله عنه- من غير هذا الطريق، وعن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-، فمنهم أنس بن مالك، وأبو جُحَيفة، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدريّ، وابن عمر -رضي الله عنه-.
فأما حديث عليّ -رضي الله عنه- من غير طريق المصنّف، فقد أخرجه الدولابيّ في "الكنى"