يشاركه فيها مخلوق، وقال في تفسير الحديث: معناه: أن أبا بكر -رضي الله عنه- له من الحقوق ما لو كانت لغيره لامتنّ بها، وذلك أنه -رضي الله عنه- بادر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالتصديق، والناس كلهم مكذّبون، وبنفقة الأموال العظيمة، والناس يبخلون، وبالملازمة والصاحبة، والناس ينفرون، وهو مع ذلك بانشراح صدره، ورسوخ علمه يعلم أن لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- الفضل والإحسان والمنّة والامتنان، لكن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بكرم خُلُقه، وجميل معاشرته اعترف بالفضل لمن صدر عنه، وشكر الصنيعة لن وُجدت منه؛ عملًا بشكر المنعم؛ ليسنّ، ولِيُعَلِّم، وهذا مثل ما جرى له -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين مع الأنصار -رضي الله عنهم حيث جمعهم، فذكّرهم بما له عليهم من المِنَن، ثم اعترف لهم بما لهم من الفضل الجميل الحسن. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).

[فائدة]: جاء عن عائشة رضي الله عنها بيان مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر -رضي الله عنه- في سبيل نصرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقد روى ابن حبّان من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أنفق أبو بكر على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أربعين ألف درهم". وروى الزبير بن بكّار عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: "أنه لمّا مات ما ترك دينارًا ولا درهمًا" (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:

95 - (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الحسَنِ بْنِ عمارَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحارِثِ، عَنْ عِليٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أبو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجنَّةِ، مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرِينَ، إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالمرْسَلَينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عِليُّ مَا دَامَا حَيَّيْنِ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015