بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} الآية [الأعراف: 148]، وقد سكت هنا عن أحد مفعوليها، وهو الذي دخل عليه حرف الجرّ، فكأنه قال: لو كنت متّخذًا من الناس خليلًا لاتخذت منهم أبا بكر. قاله القرطبيّ (?).
(خَلِيلًا) وفي رواية أحمد: "لو كنت متخذًا خليلًا سوى الله حتى ألقاه".
و"الخليل": فَعِيل بمعنى فاعل، وهو من الخلة بالضم، وهي الصداقة، والمحبة التي تخللت القلب، فصارت خلاله، قال في "الفتح": وهذا صحيح بالنسبة إلى ما في قلب إبراهيم من حب الله تعالى، وأما إطلاقه في حق الله تعالى فعلى سبيل المقابلة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا فيه ما تقدّم في الخلّة، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
وقيل: الخلة أصلها الاستصفاء، وسمي بذلك؛ لأنه يوالى، ويعادي في الله تعالى، وخلة الله له نصره، وجعله إمامًا (?). وقيل: هو مشتق من الخلة -بفتح المعجمة - وهي الحاجة، سمي بذلك لانقطاعه إلى ربه، وقصره حاجته عليه. انتهى (?).
وقال القرطبيّ: الخليل: الصديق المخلص، والْخُلّة بضم الخاء: الصداقة والمودّة.
ويقال فيها أيضًا: خلالة بالضمّ والفتح والكسر، والْخَلّة بفتح الخاء: الفقر والحاجة، والخلّة بكسرها: واحدة خِلَل السيوف، وهي بطائن أغشيتها، والخلل: الفرجة بين الشيئين، والجمع خلال.
وقد اختُلف في الخليل اسم إبراهيم عليه السلام من أيّ هذه المعاني والألفاظ أُخِذ؟ فقيل: إنه مأخوذ من الخلّة بمعنى الصداقة، وذلك أنه صَدَق في محبّة الله تعالى، وأخلص فيها حتى آثر محبّته على كلّ محبوباته، فبذل ماله للضيفان، وولده للقُرْبان، وجسده للنيران. وقيل: من الخلّة التي بمعنى الفقر والحاجة، وذلك أنه افتقر إلى الله تعالى في