ضربان: محمود، كفضل العلم والحلم، ومذموم، كفضل الغضب على ما يجب أن يكون عليه، والفضائل في المحمود أكثر استعمالا، والفُضُول في المذموم. والفضل إذا استُعمل لزيادة أحد الشيئين على الآخر فعلى ثلاثة أضرُب:

فضل من حيث الجنس، كفضل جنس الحيوان على جنس النبات. وفضل من حيثُ النوعُ، كفضل الإنسان على غيره من الحيوان، وعلى هذا النحو قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] إلى قوله: {تفصيلًا} وفضل من حيث الذاتُ، كفضل رجل على رجل آخر، فالأولان جوهريان، لا سبيل للناقص فيهما أن يُزيل نقصه، وأن يستفيد الفضل، كالفرس والحمار لا يمكنهما أن يكتسبا الفضيلة التي خُصّ بها الإنسان، والفضل الثالث قد يكون عَرَضيّا، فيوجد السبيل على اكتسابه، ومن هذا النوع التفضيل المذكور في قوله عز وجل: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ في الرِّزْقِ} [النحل: 71] وقوله: {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [الإسراء: 12]، يعني المال وما يُكتسب. انتهى كلام الراغب باختصار (?).

وقال أبو العبّاس القرطبيّ: "الفضائل" جمع فَضِيلة، كرغائب جمع رَغِيبة، وكبائر جمع كبيرة، وهو كثير، وأصلها الخَصْلة التي بها يَحْصُل للإنسان شَرَفٌ وعُلُوُّ مَنْزِلة وقدر، ثم ذلك الشرف، وذلك الفضل إما عند الْخَلْق، وإما عند الخالق، فأما الأول، فلا يُلتفت إليه إن لم يُوصل إلى الشرف المعتبر عند الخالق، فإذًا الشرف المعتبر، والفضل المطلوب على التحقيق إنما هو الشرف الذي عند الله تعالى انتهى (?)، وهو تحقيق نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في تعريف الصحابيّ:

أصحّ ما قيل: في تعريفه -كما في "الإصابة"-: أنه من لقِي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015