أن يكون القدريّ كافرًا، وهو خلاف ما عليه الجمهور، وقد تقدّم تحقيق الخلاف في ذلك فلا تغفل.

(حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ) أي أي بأربع خصال (بالله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) ولفظ الترمذيّ: "يشهد أن لا إله إلا الله" (وأنِّي رَسُولُ الله) زاد في رواية الترمذيّ: "بعثني بالحقّ" (وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الموْتِ) أي يؤمن ببعث الناس من قبورهم بعد الموت.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر رواية المصنّف أن هذا هو الثالث من الأمور الأربعة، فالإيمان بالله سبحانه وتعالى، أولها، والإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانيها، والإيمان بالبعث ثالثها، ولفظ الترمذيّ: "ويؤمن بالموت، والبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر"، وعليه يكون الأول هما الشهادتان، والثاني الإيمان بالموت، والثالث الإيمان بالبعث بعد الموت، والرابع الإيمان بالقدر.

قال المظهر معنى الإيمان بالموت اعتقاد فناء الدنيا، وهو احتراز عن مذهب الدهريّة القائلين بقدم العالم، وبقائه أبدًا. قال القاري: وفي معناه التناسخيّ، ويحتمل أن يراد اعتقاد أن الموت يحصل بأمر الله، لا بفساد المزاج، كما يقول الطبيعيّ. انتهى. (وَالْقَدَرِ) أي الإيمان بأن جميع ما يجري في العالم بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره.

قال الطيبيّ رحمه الله: قوله: "حتى يؤمن بأربع الخ" هذا نفي أصل الإيمان، لا نفي الكمال، فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأربعة لم يكن مؤمنًا:

[أحدها]: الإقرار بأن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، بعثه بالحقّ إلى كافة الجنّ والإنس.

[الثاني]: أن يؤمن بالموت حتى يعتقد أن الدنيا وأهلها تفنى، كما قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26]، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] , وهذا احتراز عن مذهب الدهريّة، فإنهم يقولون: العالم قديم باق. ويحتمل أن يراد الإيمان بالموت أي يعتقد أن الموت يحصل بأمر الله، لا بالطبيعة، خلافًا للطبيعيّ، فإنه يقول: يحصل الموت بفساد المزاج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015