3 - (ومنها): أنّ فيه إطلاقَ العموم، وإرادة الخصوص في قوله: "أعطاك علم كل شيء"، والمراد به كتابه النزل عليه، وكل شيء يتعلق به، وليس المراد عمومه؛ لأنه قد أقر الخضرَ على قوله: "وإني على علم من علم الله لا تعلمه أنت".

4 - (ومنها): أن فيه مشروعية الْحُجَج في المناظرة؛ لإظهار طلب الحق، وإباحة التوبيخ والتعريض في أثناء الحجاج؛ ليتوصل إلى ظهور الحجة.

5 - (ومنها): أنه فيه دلالةً على أن اللوم على من أيقن، وعَلِم أشدّ من اللوم على من لم يحصل له ذلك.

6 - (ومنها): أن فيه مناظرةَ العالم من هو أكبر منه، والابن أباه، ومحل مشروعية ذلك إذا كان لإظهار الحق، أو الازدياد من العلم، والوقوف على حقائق الأمور.

7 - (ومنها): أن فيه حجةً لأهل السنة في إثبات القدر، وخلق أفعال العباد.

8 - (ومنها): أنه يُغتَفَر للشخص في بعض الأحوال ما لا يُغتَفَر في بعضٍ، كحالة الغضب والأسف، وخصوصًا ممن طُبع على حِدَّة الخلق، وشدة الغضب، فإن موسى عليه السلام لمّا غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة، خاطب آدم مع كونه والده باسمه مجردًا، وخاطبه بأشياء لم يكن ليخاطب بها في غير تلك الحالة، ومع ذلك فأقره على ذلك، وعدل إلى معارضته فيما أبداه من الحجة في دفع شبهته.

9 - (ومنها): أن فيه استعمالَ التعريض بصيغة المدح، يؤخذ ذلك من قول آدم لموسى: "أنت الذي اصطفاك الله برسالته ... " إلى آخر ما خاطبه به، وذلك أنه أشار بذلك إلى أنه اطّلع على عذره، وعرفه بالوحي، فلو استحضر ذلك ما لامه، مع وضوح عذره، وأيضًا ففيه إشارة إلى شيء آخر أعم من ذلك، وإن كان لموسى فيه اختصاص، فكأنه قال: لو لم يقع إخراجي الذي رُتّب على أكلي من الشجرة ما حصلت لك هذه المناقب؛ لأني لو بقِيتُ في الجتة، واستمرّ نسلي فيها ما وُجِد من تجاهر بالكفر الشنيع بما جاهر به، فرعون حتى أُرسلت أنت إليه، وأعطيت ما أعطيت، فإذا كنتُ أنا السبب في حصول هذه الفضائل لك، فكيف يسوغ لك أن تلومني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015