أحسن من قال، وأجاد في المقال [من الطويل]:

إِذَا كَانَ عَوْنُ الله لِلْمَرْءِ مُسْعِفَا ... تَهَيَّا لَهُ في كُلِّ أَمْرٍ مُرَادُهُ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ الله لِلْفَتَى ... فَأَوَّلُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ

6 - (ومنها): ذمّ العجز، والتواني في طلب المنافع.

7 - (ومنها): أنه إذا وقع بعد حرصه على طلب ما ينفعه خلاف مطلوبه، لا ينبغي له التأسّف، وقولُ "لو أني فعلتُ كذا كان كذا" تسخّطًا لقدر الله تعالى، بل الواجب أن يستسلم لقضائه وقدره، ولا يتسخّط؛ لأن الله سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عباده، فربما يكون عكس ما حرص عليه خيرًا إما في الدنيا، وإما في الآخرة، قال الله عز وجل: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، بل الواجب عليه حينئذ أن يقول: "قدّر الله، وما شاء فعل".

8 - (ومنها): أن قول العبد "لو فعلت كذا" يفتح عليه باب الشيطان؛ إذ يحمله على تسخّط ما قدر الله تعالى عليه، والتبرّم منه، وعدم الرضا بالقضاء، وسوء الظنّ بربه سبحانه وتعالى، وكلها من نزغات الشيطان، فلا ينبغي للعبد أن يفتح بابها؛ إذ يخسر دنياه وآخرته، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده الذين قال فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية [الحجر: 42] وقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله في أول الكتاب قال:

80 - (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ انتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا، وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الجنَّةِ بِذَنْبِكَ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّه بِكَلَامِهِ، وَخَطَّ لَكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015