[تنبيه]: اختُلِف في اشتقاق الحرص -بكسر، فسكون- وهو الْجَشَعُ، فقيل: مشتقّ من حَرَصَ القصارُ الثوبَ: إذا قشره بدقّه، وهذا قول الراغب، وقال الأزهريّ: أصلُ الحرص الشقّ، وقيل للشَّرِهِ حريصٌ؛ لأنه يقشر بحرصه وجوهَ الناس. وقيل: هو مأخوذ من السحابة الحارصة التي تقشر وجه الأرض، كأن الحارص ينال من نفسه بشدّة اهتمامه بتحصيل ما هو حريصٌ عليه، وهذا قول صاحب "الاقتطاف"، وقد نقله محمد بن الطيب الفاسي في شرح "القاموس"، واستبعده (?).

(عَلَى مَا يَنْفَعُكَ) أي من أمور الدين (وَاسْتَعِنْ بِاللَّه) أي على فعلك، فإنه لا حول ولا قوّة إلا بالله (وَلَا تَعْجَزْ) بكسر الجيم، وفتحها، من بابي ضرب، وسمع، قاله في "القاموس".

والمعنى: لا تعجز عن الحرص، والاستعانة بالله، فإن الله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يُعطيك قوّة على طاعته، إذا استقمت على استعانته. وقيل: معناه: لا تعجز عن العمل بما أُمرت به، ولا تتركه مقتصرًا على الاستعانة به، فإن كمال الإيمان أن يجمع بينهما (?).

وقال النوويّ: معناه: احرص على طاعة الله تعالى، والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك، ولا تعجز، ولا تَكْسِل عن طلب الطاعة، ولا عن طلب الإعانة. انتهى.

وقال القرطبيّ: أي استعمل الحرص، والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به في أمر دينك ودنياك التي تستعين بها على صيانة دينك، وصيانة عيالك، ومكارم أخلاقك، ولا تُفرّط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه متّكلًا على القدَر، فتُنسَبَ للتقصير، وتلام على التفريط شرعًا وعادةً، ومع إنهاء الاجتهاد نهايته، وإبلاع الحرص غايته، فلا بُدّ من الاستعانة بالله، والتوكّل عليه، والالتجاء في كلّ الأمور إليه، فمن سلك هذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015