(وَلَوْ كانَ لَكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ) بضمّتين: جبل عظيم قرب المدينة النبويّة، معروف، وقعت فيه الوقعة المشهورة (ذَهَبًا) منصوب على التمييز (أَوْ) للشكّ من الراوي: أي أو قال (مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ، تُنْفِقُهُ) بضم أوله، من الإنفاق رباعيّا (في سَبِيلِ اللَّهِ) أي مرضاته، وطريق خيراته، أو المراد الإنفاق في الجهاد (مَا قُبِلَ مِنْكَ) ببناء الفعل للمفعول، وفي رواية أبي داود: "ما قبل الله منك". يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل منك ذلك الإنفاق، أو مثل ذلك الجبل، وهو تمثيل على سبيل الفرض، لا تحديد؛ إذ لو فُرض إنفاق ملء السموات والأرض كان كذلك. قاله الطيبي (?).
وقال السنديّ رحمه الله: قوله: "ما قُبِل منك" يشير إلى أنه لا قبول لعمل المبتدع عند الله تعالى، أو هو مبنيّ على القول بكفر منكره.
(حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ) أي بأن جميع الأمور الكائنة خيرها وشرّها، حُلْوها ومُرّها، نفعها وضرّها، قليلها وكثيرها، كبيرها وصغيرها كلّ بقضائه سبحانه وتعالى، وقدره، وإرادته، وأمره، وأنه ليس فيها لهم إلا مباشرة الفعل بقدرة ناشئة من قدرته تعالى، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30].
(فَتَعْلَمَ) بالنصب عطفًا على "تؤمن"، وهو شروع في التخصيص بعد التعميم (أَنَّ مَا أَصَابَكَ) من النعمة والبليّة، أو الطاعة والمعصية مما قدّر الله لك، أو عليك (لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ) بضم أوله رباعيّا: أي يَتجاوز عنك، فلا يصيبك، بل لا بدّ من إصابته، والحيل غير نافعة في دفعه، وعنوان "لم يكن ليخطئك" يدلّ على أنه محال أن يخطئك، والوجه في دلالته أن "لم يكن" يدلّ على المضيّ، و"ليُخطئك" يدلّ على الاستقبال بواسطة الصيغة، سيّما مع "أَنْ" المقدّرة، فيدلّ على أنه ما كان قبل الإصابة في الأزمنة الماضية قابلًا لأن يُخطئك في المستقبل بواسطة تقدير الله تعالى وقضائه في الأزل بذلك. (?).