حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَحَجَّرَ كَلْمُ سَعْدٍ بِالنَّزْفِ، فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُجَاهِدَ مِنْ قَوْمٍ كَذَبُوا رَسُولَكَ وَآذَوْهُ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ إِنْ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَابْقِنِي لَهُمْ أُجَاهِدْهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْ بِهَا وَاجْعَلْ مَنِيَّتِي فِيهَا، قَالَ: فَانْفَجَرَ مِنْ لَيْلتِهِ فَمَا زَالَ يَسِيلُ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
أَلَا سَعْدٌ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ ... فَمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ
-[78]-
لَعَمْرُكَ إِنَّ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ ... غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُوَ الصَّبُورُ
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا ... وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ
وَقَدْ قَالَ الْكَرِيمُ أَبُو حُبَابٍ ... أَقِيمُوا قَيْنُقَاعَ وَلَا تَسِيرُوا
وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدَتِهِمْ ثِقَالًا ... كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصُّخُورُ