ثم قال عمرُ لرجل عنده جالس: أليس كذاك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، لا نَعرفُهُ إلا بما قلتَ. فقال عمرُ لرجل: قُم، فادعُهُ لي. فقامت المرأة حين / (ق 200) أرسَلَ إلى زوجها، فقَعَدتْ خلفَ عمرَ، فلم يَلبث أن جاءا معًا حتى جلسا بين يدي عمر، فقال عمرُ: ما تقول هذه الجالسة خلفي؟ (?) قال: ومَن هذه يا أميرَ المؤمنين؟! قال: هذه امرأتُكَ. قال: تقول ماذا؟ قال: تَزعمُ أنَّه قد قَلَّ خيرُكَ، وكثُرَ شرُّكَ.
فقال: بئس ما قالت يا أميرَ المؤمنين، إنها لمن صالحِ نسائِها، أكثرهُنَّ كُسوة، وأَكثرهُنَّ رفاهيةُ بيتٍ، ولكنَّ فحلُها بَكِيٌّ (?). فقال عمرُ: يرحمه الله، ما تقولين؟ قالت: صدق. فقام إليها عمر بالدِّرَّة، فتناولها بها، وقال: أي عَدُوَّةَ نفسِهِا، أَكَلتِ مالَهُ، وأَفنيتِ شبابَهُ، ثم أنشأتِ تُخبرينَ بما ليس فيه. فقالت: ياأميرَ المؤمنين، لا تَعجَلْ، فوالله لا أَجلسُ هذا المجلسَ أبدًا. ثم أَمَر لها بثلاثةِ أثوابٍ، فقال: خذي هذا لما صَنَعتُ بكِ، وإيَّاكِ أنْ تشتكي هذا الشيخَ، كأني أنظرُ إليها حين قامت ومعها الثياب، ثم أَقبَلَ على زوجها، فقال: لا يمنعكَ (?) ما رأيتني صَنَعتُ بها أن تُسيءَ (?) إليها، انصرِفَا. فقال الرَّجل: ما كنتُ لأفعل. ثم قال عمرُ رضي الله عنه: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «خيرُ أُمَّتي القَرنُ الذي أنا منه، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم يَنشَأُ قومٌ تَسبِقُ