أُخبِرَ بمكان ابن عمر، فجاء حتى جلس إلى جنبي، وكنتُ بينهما، فإذا صوتٌ من الدَّار، فقال ابن عمر: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببكاءِ / (ق 80) أهلِه عليه». فأرسلها عبد الله مرسلة (?).
قال ابن عباس: كنَّا مع أمير المؤمنين عمرَ، حتى إذا كنَّا بالبيداء إذا هو برجلٍ نازلٍ في ظلِّ شجرةٍ، فقال لي: انطلِق، فاعلَمْ مَن ذاك. فانطلقتُ، فإذا هو صهيبٌ، فرَجَعتُ إليه، فقلت: إنك أمرتني أن أَعلَمَ لك مَن ذاك، وإنَّه صهيبٌ. قال: مُرْه (?) فليَلحَق بنا. فقلتُ: إنَّ معه أهلُه. فقال: وإنْ كان معه أهلُه -وربما قال أيوب: مُرْه فلْيَلْحَق بنا-، فلمَّا بَلَغنا المدينةَ، لم يَلبَثْ أميرُ المؤمنين أنْ أُصيبَ، فجاء صهيب، فقال: واأَخاهُ! واصاحِباهُ! فقال عمرُ: ألَمْ تَعلَمْ، أو: ألَمْ تَسمعْ -أو قال: أَوَ لَمْ تَعلَمْ، أَوَ لَمْ تَسمعْ (?) -: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الميِّتَ ليُعذَّبُ ببعضِ بكاءِ أهلِه عليه».
فأما عبد الله فأرسَلَها مرسَلَةً، وأما عمرُ فقال: «ببعض»، فأتيت عائشة، فذَكَرتُ لها قولَ عمرَ، فقالت: لا والله ما قاله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الميِّتَ ليُعذَّب ببكاءِ أحدٍ، ولكنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الكافرَ لَيَزيدُهُ اللهُ ببكاءِ أهلِه عذابًا». وإنَّ اللهَ لهو أضحك وأبكى، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (?).