هذا عبد الرحمن بن عمر وأبو سِروعة يستأذنان، فدخلا وهما مُكسرَان (?)، فقالا: أقم علينا حدَّ الله، إنَّا شربنا فَسَكِرنَا، فزَبَرتُهما (?)، وطردتُهما، فقال عبد الرحمن: إن لم تفعل أخبرتُ أبي إذا رَجَعتُ. قال: فدخل عليَّ عبد الله بن عمر، فقمتُ، ورحَّبتُ به، فقال: إنَّ أبي نهاني أن أدخلَ عليك، إلا ألا أجدَ بُدًّا، إنَّ أخي لا يُحلَقُ على رءوس الناس أبدًا، أمَّا الضرب، فنعم، فأخرجتهما إلى صحن الدار، فضربتُهما الحدَّ، ودخل عبد الله بأخيه فحَلَق رأسَه، ورأسَ أبي سَروعة. فواللهِ ما كَتَبتُ إلى عمرَ بحرفٍ، فجاءني كتابٌ منه يقول: إلى العاص بن / (ق 265) العاص: بجرأتك عليَّ، وخلاف عهدي، أنا قد خالفتُ فيك أصحابَ بدرٍ ممَّن هو خيرٌ منك واخترتُك، وأراك قد تلوَّثتَ بما تلوَّثتَ بضرب عبد الرحمن وحَلْقِهِ في بيتك، ولا تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين، وقلتَ: هو ولدُ أمير المؤمنين، وقد عرفتَ أنَّه لا هوادةَ لأحدٍ عندي في حقٍّ، فإذا جاءك كتابي هذا، فابعثه في عباءة على قَتَب. فبعثتُ به كما أَمَر، وكَتَبتُ أعتذر، وبالله الذي لا يُحلَفُ بأعظمَ منه إنِّي لأُقيمُ الحدودَ في صحن داري.

قال أسلم: فقَدِمَ عبد الرحمن وعليه عباءة، ولا يستطيع المشي من مَركبه، فقال عمرُ: السِّياط! فقال: يا أميرَ المؤمنين، قد أُقِيمَ عليَّ الحدُّ، فلم يلتفت عليه، وجعل عبد الرحمن يصيح: أنا مريض، وأنت قاتلي، فضربه، فحبسه، فمرض، فمات (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015