694- (أخبرنا) : مالكٌ، عن سُمى مولى أبي بكر أنه سَمِعَ أبا بكر بنَ عَبْدِ الرحمنِ يقُولُ:

-كُنْتُ أنا وأبي عند مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ وهُو أميرُ المدينةِ فَذَكَرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ رضي اللَّهُ عنهُ يقُولُ: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَ مَرْوَانَ أقسمْتُ عَليكَ يا عَبْد الرحمنِ لَتَذْهَبَنَّ إلى أُمِّي المؤنينَ عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ فَلَتَسْأَلَنَّهُما عن ذلك فقال أبو بكر: فذهب عبدُ الرحمن: وذهبتُ معهُ حتى دخلنا على عائشةَ رضي اللَّه عنها فَسَلَّمَ عليها عَبْدُ الرحمن فقال: يا أُمَّ المؤمنينَ إنَّا كُنّا عند مَرْوَانَ فَذُكِرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ قال: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَتْ عائشةُ: لَيْسَ كما قال أبو هُرَيرَةَ يا عبد الرحمن: أتَرْغَبُ عَما كان رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَفْعَلُهُ؟ قال عبدُ الرحمن: لا واللَّهِ يا عائشةُ فقالت عائشةُ فَأَشْهَدُ على رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ كان لَيُصْبح جُنُباً من جِماع غَيْرَ احْتلامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذلكَ اليومَ قال: ثمَّ خَرَجْنا حتى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي اللَّهُ عنها فسألها عن ذلك فقالتْ أُمِّ سَلَمَةَ مثلَ ما قالتْ عائشةُ فخَرَجْنا حتى جِئْنَا مَرْوانَ فقال ما قالتا؟ فأخبَرهُ فقال مَرْوَانُ أقسمْتُ عَليكَ يا أبا أحمد لَتَرْكبَنَّ دابَّتِي فَلَتَأْتِيَنَّ أبا هُرَيرَةَ فَلَتُخْبِرَنَّهُ بذلك -[260]- فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمن ورَكِبْتُ مَعَهُ حتى أتَيْنَا أبا هُرَيرَةَ فَتَحَدَّثَ معهُ عَبْدُ الرَّحْمن ساعةً ثمَّ ذكَرَ لهُ ذلك فقال أبو هُرَيرَةَ: لا عِلْمَ لي بذلكَ إنما أخْبَرَنيه مُخْبر (المخبر الذي أخبره بقوله من أدركه الفجر جنبا فلا يصم وفي رواية أفطر هو الفضل ابن عباس قال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم وفي رواية أخرى أسامة بن زيد ويحمل على أنه سمعه منهما وفي مسلم فقال أبو هريرة: أهما (عائشة وأم سلمة) قالتاه لك؟ يخاطب عبد الرحمن قال نعم قال: هما أعلم قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك وقد أجمع علماء الأمصار على صحة صوم الجنب سواء أكان من احتلام أم من جماع وإنما رجع أبو هريرة عما رواه لأنه رأى أن حديث عائشة وأم سلمة أولى بالإعتماد لأنهما أعلم بمثل هذا من غيرهما ولأنه موافق لقوله تعالى (فالآن باشروهن) الآية فقد أجازت الجماع إلى طلوع الفجر وهذا يستلزم أن يصبح جنبا ويصح صومه وأما الحديث الذي رواه مخالفاً لذلك فيمكن حمله على من أدركه الفجر مجامعا فاستمر في جماعه فإنه يفطر أو نقول إنه إرشاد إلى الأفضل وإنما تركه الرسول أحيانا للبيان والتعليم كما ترك الطواف ماشيا وطاف راكبا في بعض الأحيان مع أنه خلاف الأفضل لكن البيان يجعله أفضل وقد قيل أن حديث أبي هريرة كان في أول الإسلام حين كان الجماع محرما في الليل بعد النوم كالطعام والشراب ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة فكان يفتي به حتى بلغه الناسخ فرجع إليه) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015