611- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن دِينارٍ، عن أبي صالح السَّمانِ، عن أبي هُريرة أنه كان يقُولُ:
-مَنْ كان له مالٌ لم يُؤَدِّ زكاته مُثِّلَ لهُ يَوْمَ القيامة شُجَاعاً أقرَعَ له زبيبتان يَطلبْهُ حتى يُمْكِنَهُ يقولُ: أنا كَنْزُك -[223]- (القرع بفتحتين: قرع الرأس وهو أن يصلع فلا يبقى على رأسه شعر وقيل: هو ذهاب الشعر من داء وقرعت النعامة: سقط ريش رأسها من الكبر والحية الأقرع إنما يسقط شعر رأسه لجمعه السم فيه كما زعموا والشجاع الأقرع الذي لا شعر على رأسه لكثرة سمه وطول عمره وقيل: سمي أقرع لأنه يقرى السم ويجمعه في رأسه حتى تتمعط (تتطاير) منه فروة رأسه والزبيتان: النكتتان السوداوان فوق عينيه وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه ويقال: إن الزبيبتين هما الزبدتان يكونان في شدقي الإنسان إذا غضب وأكثر الكلام حتى يزيد قال ابن الأثير: الزبيبة نكتة سوداء فوق عبن الحية وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها وقيل: هما زبدتان في شدقيها يقال: أنشد فلان حتى تزبب شدقاه وقوله «يطلبه حتى يمكنه أي يسعى وراءه حتى يدركه فيقول له أنا كنزك» أي أناعملك وجمعك أو أنا مالك الذي جمعته لأن الكنز يصلح أن يكون مصدر كنز المال أي جمعه وأن يكون المال المكنوز وقد تهدد اللَّه كانزي الأموال ومكدسيها بغير إخراج حق الفقراء منها بأقسى ضروب التهديد قال تعالى: (ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللَّه من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير) وقال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم*يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنت تكنزون) وذلك لأن مرض الشح لا يقتصر أذاه على صاحبه بل يتعداه إلى المجتمع فيصيبه في الصميم ويرميه بأخبث الأمراض وأفتك العلل فهذا القلق الذي استحوذ على العالم الآن وسرى سمه إلى مختلف نواحي العالم حتى باتت كل أمة منه في خطر شديد وأمست مؤرقة بصد تياره ومقاومة سريانه هذا الداء الذي يسمونه «الشيوعية» لم ينشأ إلا من الشح وضن الأغنياء بمساعدة الفقراء وإعطائهم حقوقهم التي فرضها الله في أموالهم وأنت ترى حكومتنا الآن تسن التشريعات المختلفة بقصد ترقية مستوى المعيشة ففرضت ضرائب مختلفة لتحسين حال الفقير وترفيه عيشه وآخرها الضريبة التصاعدية وسيحمل عبئها الأغنياء وهناك تفكير جدي في تحديد الملكية ولو أن الأغنياء أدوا حقوق الفقراء وشملوهم بعطفهم لضوعفت أموالهم وأرضوا ربهم وإخوانهم وأعفوا من تلك الضرائب والتشريعات المنوية المقيدة للحرية ولله في خلقه شؤون وهو العليم بما كان وبما سيكون) .