603- (أخبرنا) : مالكٌ، عن رَبيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخُدْرِي:
-أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «وَنَهَيْتُكُمْ عن زيارة القُبُورِ فَزُورُوهَا ولا تَقولوا اهُجْراً -[218]- (وفي رواية» فزوروا القبور فإنها تذكر الموت «وقد جمع الحديث الناسخ والمنسوخ وهو صريح في أن نهي الرجال عن زيارة القبور قد نسخ وأنهم صاروا بعد هذا القول مأمورين بزيارتها وهذا الأمر للندب عند الجمهور وللوجوب عند ابن حزم الآخذ بطبع أهل الظاهر المؤيد لرأيهم وهو يؤدي بزيارتها ولو مرة واحدة في العمر والمقصود الأول من زيارة البقور الإتعاظ بما أصاب غيره ممن يعرف وممن لا يعرف وأنهم كانوا أكثر منه قوة ومالا ورجالا فلم يصنهم ذلك من سطوة الموت ولم يمنعهم من غائلته فتقلع النفس عن غيها وتنزجر عن ضلالها ويهون على ذي المال أن يتصدق ببعضه ويقبل على عبادة ربه ومن فوائدها التصدق على أبويه وأهله وقراءة القرآن والدعاء لموتاه وأما النساء فإن كن شابات أو جميلات فلا يخرجن لزيارتها لأن خروجهن يدعوا إلى الفتنة ويخشى من ورائه مفاسد كبيرة فإن كن شيخات فانيات أو كبيرات لا أرب للرجال فيهن فلا مانع من خروجهن وزيارتهن وإذا خرجن محتشمات غير متبرجات ولا متزينات ولا متطيبات لا يبغين إلا زيارة آبائهن وإخوتهن وكن قادرات على كظم حزنهن وعلى عدم النياحة ورفع الصوت بالبكاء جاز خروجهن مع أزواجهن أو محارمهن فبهذه الشروط تؤمن الفتنة والفساد وإلا فلا أمان ولا إطمئنان ومن ير ما يفعل بالمقابر في القاهرة والإسكندرية في الأعياد والمواسم من تبرج وتزين وتناول المآكل والمشارب والسهر الطويل والإختلاط الشنيع أو مايرتكب هناك من مآثم وما ينتهك من محارم لا يسعه إلا أن يتمثل بقول الرسول صلى اللَّه عليه وسلم» لعن اللَّه زائرات القبور «وإذا كان النساء آثمات بهذه الزيارة فإن أزواجهن وأولياءهن من آباء وإخوة وأعمام شركاؤهن في هذا الإثم إذ أرسلوا لهن الحبل على الغارب ومدوا لهن في أسباب الغواية والمآثم ولا حول ولا قوة إلا باللَّه وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلم» ولا تقولوا هجراً" فمراده به النهي عما جرت به عادة الجاهلين وهو الدعاء بدعوى الجاهلية كأن تقول الواحدة: يا جملي يا سبعي يا مرهب الرجال يا ميتم الأطفال وما شاكل ذلك مما نهى اللَّه عنه ورسوله والهجر بالضم: الفحش وأهجر في منطقة أفحش أو أكثر الكلام فيما لا ينبغي أو خلط في كلامه وهذى فيكون الهذيان والافحاش منهيا عنه في المقابر التي لم تشرع زيارتها إلا للإتعاظ المنافي لهذا الخلط وذاك الهذيان) ".