ومسند الشافعي هذا يحتوي على أحاديث سمعها أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم المتوفي سنة 346 هـ من الربيع بن سليمان المرادي المؤذن المتوفي سنة 270 هـ في ضمن كتب الأم وغيرها التي سمعها مباشرة من الامام الشافعي رضي اللَّه عنه غير أحاديث معروفة سمعها بواسطة البويطي، ومدون تلك الأحاديث بأسانيدها في ذلك السفر المعروف بمسند الامام الشافعي هو: أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر النيسابوري المتوفي سنة 360 هـ صاحب الأصم، وكان جمعه لتلك الأحاديث في ذلك السفر لشيخه بطلبه، وقيل إن جمعه كان لنفسه لا لشيخه، ويقال إن الجامع هم الأصم نفسه والله أعلم.
وعلى كل تقدير أحاديث ذلك المسند من مسموعات ابن مطر من الأصم
ضمن سماعه لكتب الأم منه كما سمعها هو من الربيع، وهو سمعها من الشافعي رضي اللَّه عن الجميع ويكني بعض أهل العلم ابن مطر أبا جعفر واللَّه أعلم.
فمسند الشافعي سواء كان جمعه تحت اشراف الأصم أومن غير اشرافه عليه، غير مرتب على الشيوخ ولا على الأبواب، ولذا قال ابن حجر في تعجيل المنفعة: (ولم يرتب الذي جمع حديث الشافعي أحاديثه لا على المسانيد ولا على الأبواب، وهو قصور شديد؛ فانه اكتفى بالتقاطها من كتب الأم وغيرها كيف ما أتفق، ولذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع اهـ) . ولذا ترى في المسند سرد أحاديثه تحت عناوين إما غير دالة على أبواب الفقه اكتفاء بمجرد ذكر مصادرها من الكتب نحو (من كتاب اختلاف مالك والشافعي و (من كتاب الرسالة) و (من كتاب ابطال الاستحسان) ، و (من كتاب اختلاف أحكام القرآن) و (من كتاب سير الواقدي) ، و (من كتاب جماع العلم) ، و (من كتاب اختلاف علي وعبد اللَّه) وتلك عناوين لا تدل على نوع معاني الأحاديث المدونة تحتها، واما دالة على أبواب من الفقه لكن لا دقة في توزيع الأحاديث عليها ولا في جمعها في أبوابها.
وكان هذا المسند الجليل ينقصه هكذا حسن التبويب فيحول ذلك دون استثمار فوائده بأيسر نظرة، وقد شرحه ابن الأثير في عدة مجلدات، وكذا الرافعي ثم قام الأمير المحدث؟ نجر الجاولي المتوفي سنة 745 هـ يجمع ما في الشرحين في صعيد واحد، ومضوا جميعا على اهمال ترتيب أحاديث الكتاب بحيث يعم النفع به.