تَفْهَمَهُ، وَلاَ تُجِبِ امْرَأً فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مَا قَالَ لَكَ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ لاَ تَغْتَرَّ بِاللَّهِ، وَلاَ تَغْتَرَّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ الْغِرَّةَ* بِاللَّهِ تَرْكُ أَمْرِهِ وَالْغِرَّةَ بِالنَّاسِ اتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ، وَاحْذَرْ مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكَ مِنْ نَفْسِهِ*، وَاحْذَرْ مِنَ النَّاسِ فِتْنَتَهُمْ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّهُ لاَ يَكْمُلُ ضَوْءُ النَّهَارِ إِلاَّ بِالشَّمْسِ كَذَلِكَ لاَ تَكْمُلُ الْحِكْمَةُ إِلاَّ بِطَاعَةِ اللَّهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ الزَّرْعُ إِلاَّ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ، كَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ الإِيمَانُ إِلاَّ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ كُلُّ مُسَافِرٍ مُتَزَوِّدٌ، وَسَيَجِدُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى زَادِهِ مَا تَزَوَّدَ، وَكَذَلِكَ سَيَجِدُ كُلُّ عَامِلٍ إِذَا احْتَاجَ إِلَى عَمَلِهِ فِي الآخِرَةِ مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَحُضَّكَ (?) عَلَى عِبَادَتِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَكَ كَرَامَتَكَ عَلَيْهِ، فَلاَ تَحَوَّلَنَّ إِلَى غَيْرِهِ، فَتَرْجِعَ مِنْ كَرَامَتِهِ إِلَى هَوَانِهِ، يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِنْ تَنْقُلِ الْحِجَارَةَ وَالْحَدِيدَ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لاَ يَعْقِلُ حَدِيثَكَ، وَمَثَلُ الَّذِي يُحَدِّثُ مَنْ لاَ يُعْقَلُ حَدِيثَهُ، كَمَثَلِ الَّذِي يُنَادِي الْمَيِّتَ وَيَضَعُ الْمَائِدَةَ لأَهْلِ الْقُبُورِ " (?).
[ب 653، د 674، ع 648، ف 692، م 652].
657 - (4) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْطَاكِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، اعْقِلُوا وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ، فَرُبَّ ذِي عَقْلٍ قَدْ شُغِلَ قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَنْ الاِنْتِفَاعِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، حَتَّى صَارَ عَنْ ذَلِكَ سَاهِياً، وَمِنْ فَضْلِ عَقْلِ الْمَرْءِ تَرْكُ النَّظَرِ فِيمَا لاَ نَظَرَ فِيهِ، حَتَّى لاَ يَكُونَ فَضْلُ عَقْلِهِ وَبَالاً عَلَيْهِ، فِي تَرْكِ مُنَافَسَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، أَوْ رَجُلٍ شُغِلَ قَلْبُهُ بِبِدْعَةٍ قَلَّدَ فِيهَا دِينَهُ رِجَالاً دُونَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَوِ اكْتَفي بِرَأْيِهِ فِيمَا لاَ يَرَى الْهُدَى إِلاَّ فِيهَا، وَلاَ يَرَى الضَّلاَلَةَ إِلاَّ بِتَرْكِهَا، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى فِرَاقِ الْقُرْآنِ، أَفَمَا كَانَ لِلْقُرْآنِ حَمَلَةٌ قَبْلَهُ وَقَبْلَ أَصْحَابِهِ، يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ؟ ، وَكَانُوا مِنْهُ عَلَى مَنَارٍ كَوَضَحِ الطَّرِيقِ، فَكَانَ الْقُرْآنُ إِمَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِمَاماً لأَصْحَابِهِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَئِمَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ، رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ مَنْسُوبُونَ