، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ لِأَنَّ اللَّهَ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ فَقَدْ تَحَقَّقَ عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. أَنَّ عَائِشَةَ فَسَّرَتْ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَتُفَسِّرُهَا الْمُبْتَدَعَةُ عَلَى أَنَّهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَسْقَطُوا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22] وَبَيْنَ مَا وَصْفَنَا فِي قَوْلِ اللَّهِ: {كَلَا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] فَأَزَالَ ذَلِكَ، عَنِ الْكُفَّارِ وَثَبَتَتِ الْآيَةُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَقَدْ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّ فُلَانًا فَسَّرَ الْآيَتَيْنِ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] وَقَوْلَهَ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22] عَلَى أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْأُخْرَى فَلِذَلِكَ أَرَى الْوَقْفَ فِي الرُّؤْيَةِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: جَهِلَ الشَّيْخُ مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] لَيْسَتْ بِمُخَالِفَةٍ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22] لَأَنَّ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَتِلْكَ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: لَا تُفْشُوا هَذَا، عَنِ الشَّيْخِ تَدَّعِيهِ الْجَهْمِيَّةُ وَرَآهُ مِنْهُ غَلَطًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا وَصَفْنَا إِلَّا مَا سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ الرُّؤْيَةَ فِي الدُّنْيَا لَمَّا كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فَيَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ فِي الدُّنْيَا فَبَيَّنَ اللَّهُ لَهُ قَالَ: {انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنَّ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبَّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] سَاخَ الْجَبَلُ وَلَمْ يَقْوَ عَلَى نَظَرِ الرَّبِّ، قَالَ مُوسَى: سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِكَ أَنْ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ