ومن الخطوات المهمة التي صحَّ لها العَزْمُ الآن، وتهيَّأتْ لها الإمكانياتُ، تحقيقُ كتابٍ من أكبر كتب الحديث وأعلاها إسناداً، ألا وهو كتابُ " المسند " للإِمام الجليل أحمد ابن حنبل، هذا الكتاب الذي يكادُ يستوعبُ معظمَ الأحاديث النبوية، والذي أراده مؤلِّفُهُ ابتداءً أن يكون موسوعةً
تضُمُّ ما اشْتَهَر من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ قال: فما اختَلَفَ فيه المسلمون
من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارجِعُوا إليه.
إنَّ تحقيقَ هذا " المسنَد " خَطوةٌ مهمة على طريق عمل الموسوعة الحديثية الكبرى، لأنَّه ما مِنْ حديثٍ - غالباً - إلا وله أصلٌ في هذا " المسند ".
ولسائلٍ أن يقولَ: لِمَ لا تُوفِّرُونَ الوقتَ والجهدَ، فتنصرِفوا إلى نشرِ غيره من كتب الحديث، فَهذا " المسند " مطبوعٌ ومُتداوَل؟ فنقولَ:
إنَّ الدافعَ إلى إعادة نشرِ " المسند " يَكمُنُ في النِّقاط التالية:
1- الطبعة الميمنية المعروفة فيها تحريفٌ كثير وتصحيفٌ، وقد سقط منها أحاديثُ ومسانيدُ، كما وقع فيها بعضُ أحاديث مما رواه عبد الله عن غيرِ أبيه على أنها من مسند أبيه، وبالعكس.
2- لقد تنبَّهَ لضرورة تحقيقِ المسند ونشره نشرةً علمية محرَّرة العلامةُ الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -، فقام بنشر الكتاب محققاً، إلا أنَّه لم يُتِمَّهُ، إذ اختَرمَتْه المنيةُ قبل إتمامه، ونشرتُه لا تمثل إلا رُبْعَ الكتاب.
3- حصولنا على أصول خطية لم يَقَعْ مُعْظَمُها لِمن قَبْلَنا ممن تصدَّى لِنشر الكتاب (?) .