في هذا تعقب لهما أو إلزامهما بهذه الأحاديث التي استوفيت الشروط التي التزماها، فإنهما رحمهما الله قد صرحا بأنهما لم يقصدا استيعابَ جميعِ الأحاديث الصحيحة في كتابيهما.

وقد تحرينا في الأعم الأغلب أن يكون قولنا: " هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم " مقيداً بمن احتج بهم الشيخان أوأحدهما في الأصول، وليس ممن خرجا له استشهاداً أومتابعة أوتعليقاً، ولا ممن هو موصوف بتدليس أوتخليط، فإنهما رحمهما الله ينتقيان من حديث من تكلم فيه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلاً،

ومن حديث المدلس ما صرح بالسماع فيه، ومن حديث المختلط بأخرة ما رواه الثقة عنه قبل اختلاطه.

وإذا كان في السند راوٍ لا يُحْتَجُّ به لسوء حِفظه أو لكونه رُمِيَ بالاختلاط أو التغير أو التدليس ووقفنا على متابع له في تلك الرواية ممن يصلح حديثُه للمتابعة، أو كان لمتنِ الحديث ما يشهد له، أطلقنا الصحة أو الحسن على ذلك الحديث وفق ما يقتضيه المقام لغلبة الظنِّ أنه بالمتابعة أو الشاهدِ، لم يقع لذاك الراوي المجروح تخليطٌ فيه أو غلط أو وهم.

وقد يَنْتَهِضُ إسنادُ الحديثِ إلى درجةٍ أعلى مِن درجة الحسن، ولكنه لا يَبلُغُ رتبةَ الصحيح، فنقول في مثل هذا النوع من الإسناد: إسنادُه قوي، أو جيد، إشارةً منا إلى أنه فوق الحسن ودون الصحيح، وهذا الاستعمال متداول بين أهل العلم الذين مارسوا هذا الفنَّ واختصُّوا به، وصاروا أعلاماً فيه.

وما سوى ذلك فقد حَكَمْنا عليه بما يليقُ بحالهِ من صحةٍ أوحسنٍ أو ضعفٍ، مسترشدين بما أصَّله جهابذة الحديث ونقاده من أصول وقواعد لتوثيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015