السَّوء في خلاف الرشد، المنبه للأسباب التى توردُ الهلكة، القائم بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها. فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم، إنه حميد مجيد (?).
...
وبعد: فإني حين هُديت إلى حب السنة النبوية المطهرة، والشغف بالفقه فيها، والتعمق في علومها، والتنقيب عن روائعها ونفائس كتبها، وذلك منذ بضع وثلاثين سنة، في أوائل الشباب، بعد استكمال الدراسة الأولى، وجدت في دارنا، في كتب أبي رحمه الله، الصحاح الستة وغيرها، ووجدت فيما وجدت الديوان الأعظم، (كتابَ المسند) لإمام الأئمة، ناصر السنة وقامع البدعة، الإمام أحمد بن حنبل، رضى الله عنه. فوجدته بحراً لا ساحل له، ونوراً يستضاء به، ولكن تنقطع الأعناق دونه، بأنه رتب على مسانيد الصحابة، وجمعت فيه أحاديث كل صحابي متتالية دون ترتيب، فلا يكاد يفيد منه إلا من حفظه، كما كان القدماء الأولون يحفظون، وهيهات، وأنَّى لنا ذلك. فشغفت به وشُغلت. ورأيت أن خير ما تخدم به علوم الحديث أن يوفق رجل لتقريب هذا المسند الأعظم للناس، حتى تعم فائدته، وحتى يكون للناس إمامًا، وتمنيت أن أكون ذلك الرجل.
ثم وجدتُ أن أكابر المحدثين وأئمة الشراح والمؤلفين، كان شأنهم بالنسبة للمسند قريبًا من شأننا، فما كان ليقدم على النقل منه أو على تحقيق رواية فيه، إلا فرد بعد فرد، وعامتهم ينقلون عمن قبلهم، ويقلدون في نسبة الحديث إليه من سبقهم، إلا بضعة رجال كانوا كأن المسند كلَّه على أطراف ألسنتهم، كانوا يعرفونه حقّاً. ولا أكاد أجزم بتسمية أحد من هؤلاء إلا ثلاثة: شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية، وتلميذاه