بشأن المسند في صيد الخاطر 245 - 246
فصل: كان قد سألني بعض أصحاب الحديث: هل في مسند أحمد ما ليس بصحيح؟ فقلت: نعم. فعظم ذلك جماعة ينسبون إلى المذهب، فحملتُ أمرهم على أنهم عوام، وأهملتُ فكر ذلك. وإذا بهم قد كتبوا فتاوي، فكتب فيها جماعة من أهل خراسان، منهم أبو العلاء الهمداني، يعظمون هذا القول، ويردونه، ويقبحون قول من قاله! فبقيت دهشًا متعجبًا.
وقلت في نفسي: واعجبا! صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضًا، وما ذاك إلا أنهم سمعوا الحديث ولم يبحثوا عن صحيحه وسقيمه، وظنوا أن من قال ماقلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد. وليس كذلك، فإن الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء، ثم هو قد رد كثيراً مما روَى ولم يقل به، ولم يجعله مذهبًا له. أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ: مجهول؟ ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند، وقد طعن فيها أحمد. ونقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفرّاء في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر ولم يقصد الصحيح ولا السقيم، ويدل على ذلك أن عبد الله قال: قلت لأبي: ما تقول في حديث رِبْعيّ بن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي روّاد؟ قلت: نعم، قال: الأحاديث بخلافه، قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدتُ في المسند المشهور، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشئ بعد الشئ اليسير، ولكنكَ يا بنيَّ تعرف طريقتي في الحديث: لستُ أُخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه.
قال القاضى: وقد أخبر عن نفسه كيف طريقه في المسند. فمن جعله