أصحابك في هذا الأمر ما تصنع؟ وجعل المعتصم يقول: ويحك، أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي، فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب الله، فيرجع، وقال للجلادين: تقدموا، فجعل الجلاد يتقدم ويضربني سوطين ويتنحى، وهو في خلال ذلك يقول: شد، قطع الله يدك! قال أبي: فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك فإذا الأقياد قد أُطلقت عنى، فقال لي رجل ممن حضر: إنا كببناك على وجهكِ، وطرحنا على ظهرك باريةً ودُسْناك! قال أبي: فما شعرت بذلك، وأتوني بسوِيق فقالوا لي: اشرب وتقيأ، فقلت: لا أفطر، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم، فحضرت صلاة الظهر، فتقدم ابن سماعة فصلى، فلما انفتل من الصلاة قال لي: صليتَ والدم يسيل في ثوبك؟ فقلت: قد صلى عمروجرحه يثعبُ دمًا.

قال صالح: ثم خُلي عنه فصار إلى منزله، وكان مكثه في السجن، منذ أخذ وحمل إلى أن ضرب وخُلي عنه، ثمانيةً وعشرين شهرًا. ولقد أخبرني أحد الرجلين اللذْين كانا معه، قال: يا ابن أخي، رحمة الله علي أبي عبد الله، والله ما رأيت أحدًا يشبهه، ولقد جعلت أقول له في وقت ما يوجه إلينا بالطعام: يا أبا عبد الله، أنت صائم، وأنت في موضع تَقيَّة (?)، ولقد عطش فقال لصاحب الشراب: ناولنى، فناوله قدحًا فيه ماء وثلجَ، فأخذه ونظر إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015